كلّ منهما بحيث لم يكن مانع من وجود كلّ منهما إلاّ اجتماعه مع الآخر ، فحينئذ وإن [ كان ] ذلك على فرض تحقّقه مستلزما للدور ، لكن نقول بامتناع ذلك الفرض ، ومعه لا وقع لإيراد الدور.
قال دام ظلّه : وتوضيح عدم توجّه إيراد الدور حينئذ : أنّ مقتضى قاعدة المناظرة في إيراد الدور أن يحرز المورد أوّلا وقوع صورة فرض فيها الدور أو إمكان وقوعها لا محالة ، بأن يكون أصل إمكانها مفروغا عنه من (١) المتخاصمين ، ثمّ يعترض على خصمه : بأنّ لازم مقالتك امتناع تلك الصورة لاستلزامها الدور فيها ، مع أنّ الفرض إمكانها ، فانتفاء الملزوم كاشف عن فساد الملزوم (٢) ، وهو ما يدّعيه ، وأمّا إذا لم يحرز ذلك فللخصم أن يدّعي امتناع تلك الصورة وجعل لزوم الدور فيها دليلا على الامتناع.
هذا ، ثمّ قال المحقّق المذكور ـ قدّس سرّه ـ : وهنا كلام آخر ، وهو أنّا ندّعي : أنّ الترك الّذي هو مقدّمة للوجود إنّما هو الترك المسبوق بالوجود لا مطلقا ، بمعنى أنّ الشرط لوجود كلّ من الضدّين إنّما هو عدم الآخر في المحلّ على تقدير وجوده ، وأمّا عدمه الأزلي فلا. انتهى.
وتوضيح اندفاع الدور على هذا التفصيل : أنّ الصورة المفروضة للدور صورة اجتماع جميع أجزاء علّة كلّ من الضدّين مع عدم اشتغال المحلّ بأحدهما ، ومن المعلوم أن عدم كلّ منهما حينئذ أزلي ، لا مسبوق بالوجود ، فليس شيء من عدميهما (٣) كذلك مقدّمة للآخر حتى يلزم الدور.
__________________
(١) كذا في الأصل ، والصحيح ظاهرا : عند المتخاصمين ..
(٢) في العبارة ملزومان ولازمان : فالملزوم الأوّل هو مقالة الخصم ، ولازمها امتناع الصورة التي فرض فيها الدور. والملزوم الثاني هو نفس الصورة التي فرض فيها الدور ، ولازمها هو الدور.
(٣) كذا في الأصل ، لكن الصحيح ظاهرا : من عدم كلّ منهما ..