ظاهرها أو لا؟ وتعرّضهم لذلك دون سائر القرائن إنّما لضبطه وكليّته ـ كما في المجاز المشهور ـ دون سائر القرائن الشخصية اللاحقة لخصوصيّات الموارد ، لكنّ المراد بالنهي في المقام أعمّ من اللفظي وغيره ، فإنّ النّظر في القرينة والصرف إنّما هو إلى مجرّد وقوع الأمر عقيب النهي ، لا إلى ما دلّ على النهي والحظر.
وهل المراد به الأعمّ من الشرعي والعقلي أو خصوص الأوّل؟
الظاهر الثاني ، كما يشهد به احتجاج القائل (١) بأنّ الأمر حينئذ للوجوب بأنّه إذا وقع عقيب الحظر العقلي يكون للوجوب اتّفاقا ، فكذلك ما نحن فيه ، فإنّ القياس لا يتمّ إلاّ بعد الفراغ عن حكم المقيس عليه ، وكونه مسلّما بين الفريقين.
وكيف كان ، فالظاهر اختصاص النزاع بالنهي الشرعي ، لا العقلي ، أو الأعم ، لشهرة ما عرفت به وإن كان في نفس الاستدلال ما لا يخفى على المتأمّل من منع المقيس عليه صغرى وكبرى ، كما سيأتي بيانه عن قريب إن شاء الله.
ثمّ إنّ النّظر في المقام فيما إذا كان متعلّق الأمر عين ما تعلّق به النهي ، كما يدلّ عليه اعتبارهم وقوعه عقيبه ، فإنّ معناه وقوعه في محلّ عقيب النهي ، وبالفارسية : ( امرى كه پاى در جاى پاى نهى گذارد ، واين كنايه است از ورود او بموضوعى كه نهى متعلّق باو است.
فعلى هذا يخرج ما إذا ورد الأمر بعد النهي ، لكن على موضوع مغاير لمتعلّق النهي بحسب المفهوم وإن كان الموضوعان متلازمين في الوجود ، أو متّحدين في المصداق في بعض الأحوال ، فبذلك يتّجه المنع على قياس المستدلّ ـ على إفادة الأمر الواقع عقيب الحظر ـ المقام بالأوامر الشرعية الواردة بعد النهي
__________________
(١) الذريعة : ١ ـ ٧٤.