السابق وإن كان يرتفع حينئذ تبعا ، بل [ النّظر ](١) إنّما هو إلى إثبات حكم جديد مستقلّ مقابل للحرمة يلزمه تبعا ارتفاع الحظر السابق.
والحاصل : أنّه لمّا كان المقام ظاهرا في توجّه هذا الأمر إلى النهي السابق ، وأنّ الداعي إليه إنّما هو رفعه ، فيكون هو بنفسه حينئذ ظاهرا في مجرّد الرخصة النوعية ، فلو كان المراد به حينئذ أحد الأربعة بالخصوص ، لم يكن هو متوجّها إلى النهي السابق بأن يكون الغرض منه رفعه ، بل يكون الغرض حكما مقابلا للحرمة يلزم من إرادته ارتفاعه تبعا ، فيكون إرادة أحدها بالخصوص مخالفا لظاهر الأمر في المقام.
نعم يمكن إرادة خصوصية أحد الأربعة من الخارج ، بمعنى الدلالة عليها بقرينة خارجيّة ، لعدم المنافاة بين إثبات مجرّد الرخصة في مورد بسبب الأمر ، وبين تعيّنها بعد ذلك في ضمن أحد الأربعة.
وكيف كان ، فالذي نجد من أنفسنا ، ومن العرف في المقام إنّما هو ظهور الأمر حينئذ في مجرّد الرخصة النوعية المتوجّهة إلى النهي السابق ، بحيث لو كان المراد به أحد الأربعة بالخصوص لكان مخالفا لهذا الظهور العرفي للتبادر ، فإنّه كما يثبت به الوضع ، فكذلك يثبت به الظهورات النوعية العرفية (٢) وإن كان مجازيا ، ولا ينبغي أن يشكّ فيه من له أدنى تأمّل وتدبّر ، وكفى به حجّة ودليلا.
حجّة القول بأنّ الأمر حينئذ للوجوب وجوه :
أحدها : أنّ الصيغة موضوعة له ، فلا بدّ من حملها عليه إلى أن يتبيّن
__________________
(١) في الأصل : الغرض.
(٢) فإنّ تبادر معنى خاصّ من اللفظ بواسطة اقترانه بشيء مع قطع النّظر عن سائر خصوصيّات الموارد دليل على أنّ الشيء المذكور قرينة على ذلك المعنى وموجب لظهوره من اللفظ إلاّ أن تقوم قرينة على خلاف ذلك الشيء. لمحرّره عفا الله عنه.