تكون إرادة الحقيقة منافية لظاهر القرينة (١) ، وما نحن فيه كذلك بشهادة التبادر عرفا حينئذ بظهور الصيغة بواسطة المقام في رفع الحظر ، فتكون إرادة الوجوب منافية لهذا الظهور.
وأمّا الثاني : فلما أشرنا إليه آنفا من خروجه عن موضوع البحث في المقام ، نظرا إلى تغاير متعلّقي الحظر والأمر ، لامتناع تعلّق الأمر الشرعي بما هو موضوع عند العقل في حكمه بالحرمة والقبح ، فإنّ القبيح عنده كيف يجوز كونه مأمورا به عند الشارع؟!
هذا على تسليم حكم العقل بالحظر في العبادات قبل الأمر الشرعي ، وإلاّ فيمكن منع هذا الصغرى بأنّ حكمه بذلك مسلّم فيما إذا علم بعدم الأمر ، وأمّا إذا احتمله في الواقع فلا يحكم بقبحه وحرمته من باب التشريع لعدم إحراز موضوعه بعد. اللهم إلاّ أن يدّعى أنّ التشريع هو فعل ما لم يعلم كونه من الدين ، وأنّ العقل يحكم بقبح هذا العنوان ، وكلاهما محلّ نظر.
وكيف كان ، فالجواب ما عرفت من خروج ما ذكر عن موضوع البحث (٢).
__________________
(١) وبعبارة أخرى : ليس المدار على التنافي بين إرادة الحقيقة ووجود القرينة ، بل على التنافي بينها وبين ظاهر القرينة ، وهذا موجود في المقام كما عرفت. لمحرّره عفا الله عنه.
(٢) المثال المطابق للمقام قوله صلّى الله عليه وآله : « كنت نهيتكم عن ادّخار الأضاحي ، ألا فادّخروها » (١) ، فهل يجد المصنف من نفسه من هذا الكلام مع قطع النّظر عن الأمور الخارجيّة إلاّ الرخصة فيما نهى صلّى الله عليه وآله عنه أوّلا؟ لمحرّره عفا الله عنه.
__________________
(١) سنن النسائي : ٧ ـ ٢٢٣ ـ ٢٣٥ ، سنن الدارمي : ٢ ـ ٧٩ ، سنن الترمذي : ٤ ـ ٩٤ ـ ح : ١٥١٠ ، صحيح مسلم : ٣ ـ ١٥٦١ ـ ح : ٢٨ وصفحة : ١٥٦٢ ـ ح : ٢٩ و ٣٣ ، سنن ابن ماجة : ٢ ـ ١٠٥٥ ، مسند أحمد : ٢ ـ ٦٣ و ٦٦ و ٨٥ و ٣٨٨ ، وجزء : ٥ ـ ٧٦ و ٣٥٦ سنن أبي داود : ٣ ـ ٩٩ ـ ح : ٢٨١٢ ، وصفحة : ١٠٠ ـ ح : ٢٨١٣. والحديث منقول بالمعنى.