أمّا الأوّل : فهو للثاني : وتقريره : أنّ القدر المشترك المذكور كسائر الكلّيّات ما لم يتشخّص يمتنع وجوده في الخارج ، وتشخّصه إنّما هو بإحدى الخصوصيّتين المذكورتين على سبيل منع الخلوّ ، لانحصار فرده فيهما ، فيمتنع إيجاده بدون شيء منهما.
وأمّا الثاني : فالمتصوّر منه وجهان :
أحدهما ـ ما ذكره صاحب المعالم ـ فيما حكي عنه من حاشيته على قوله : ( لأنّ الاستعمال في القدر المشترك إن وقع فعلى غاية الندرة والشذوذ ) ـ من علّة الندرة والشذوذ قال : ( وذلك لبعد وقوعه نظرا إلى أنّ الطالب إذا لم يكن غافلا عن الترك ، فإمّا أن يريد المنع منه ، أو لا يريده ، فلا يخلو الحال عن إرادة الوجوب أو الندب ، فلا يتصوّر إرادة الطلب المجرّد عن القيدين إلاّ عند الغفلة عن ملاحظة الترك ، وهو في غاية الندرة ، بل لا يمكن حصوله في أوامر الشرع ، ففرض استعماله في القدر المشترك غير معقول ، فتأمّل ) (١). انتهى.
ولا يخفى أنّه اعتراف بإمكان استعمال الأمر في القدر المشترك ، وبإمكان إيجاده في الجملة ، إلاّ أنه يلزمهما بالنسبة إلى الملتفت إلى الترك ، وسيجيء الجواب عنه.
ثانيهما ـ أنّ الصيغة لم توضع لنفس القدر المشترك بعنوان الكلّية ، بل إنّما هي آلة لملاحظة جزئيّاتها الحقيقية ومرآة لها ، والموضوع له إنّما هي بعنوان عامّ ، ولا ريب أنّه لا شيء من تلك الجزئيات إلاّ وهو متقوّم بإحدى الخصوصيّتين بحيث لم يوجد بدون شيء منهما ، فاستعمال الصيغة في كلّ واحد منهما لا يمكن إلاّ مع إحدى الخصوصيّتين ، كما أنّ إيجاد شيء من تلك الجزئيات لا يمكن بدون
__________________
(١) نقل هذه الحاشية المحقّق الملا الميرزا الشيرواني (ره) ضمن حاشيته على المعالم : ٤٦ ، لكن مع اختلاف يسير في ألفاظها.