المأمور به ، بل المراد وجوبه إلى ما أمكن عقلا بمعنى عدم بلوغه إلى حدّ التعذّر ، وشرعا بمعنى عدم بلوغه إلى حدّ التعسّر المنفي في الشريعة ـ أيضا ـ وعدم مزاحمته لواجب آخر أهمّ منه.
لكن لا يخفى أنّه ليس المراد أخذ هذا القيد في مفهوم الصيغة ، بل الظاهر أنّ مراده ، كما صرّح صاحب المعالم (١) ـ قدّس سرّه ـ هو دلالتها على الاشتغال بالفعل دائما ، وهذا التقيّد إنّما يثبت من الخارج ، فلا يستلزم استعمال الصيغة في المقيّد ، وهذا التقييد ـ أيضا ـ ثابت على القول بالمرّة ـ أيضا ـ فإنّه إذا وجب مرّة فلا ريب أنّ تعذّره أو تعسّره أو مزاحمته لأهمّ منه موجبة لرفع التكليف عنه قطعا.
ثمّ على ما حقّقنا [ به ] المرّة والتكرار ـ على القول بأحدهما ـ يكونان قيدين لمعروض الصيغة والهيئة ، فيكون الهيئة مقيّدة لمعروضها بأحد الأمرين في الجملة لا محالة ، فلا يعقل جعلهما قيدين للطلب المستفاد من الصيغة :
أمّا على القول بالمرّة : فلأنّ الطلب واحد لا محالة ، فيلغى تقييده بالمرة.
وأمّا على القول بالتكرار : فلا ريب ـ أيضا ـ أنّ الطلب واحد شخصي ، فلا يمكن اتصافه بالتكرار ، فلا يحتمل ذلك في كلام القائل بالمرّة والتكرار.
هذا مضافا إلى ما نقطع به ـ كما أشرنا إليه سابقا ـ من أنّ النزاع في المقام في دلالة الصيغة على كميّة الفعل المأمور به وعدمها ، فيكون المرّة والتكرار من صفات المأمور به وقيوده ، وهذا واضح.
ثمّ المرّة على القول بها اعتبار تقييد المأمور به بها على وجه لوحظ مفهومها أيضا.
__________________
(١) المعالم : ٤٩ و ٥٠.