وبعبارة أخرى : هل المراد على هذا القول أنّ المطلوب هو الفعل بعنوان المرّة بحيث لا يكون معها غيرها ، فلا يحصل الامتثال لو فعله مرّات متعاقبة ، أو المراد تقييده بها من حيث اعتبار وجودها معه دون اعتبار عدم غيرها ، فيكون المراد أنّ المطلوب هو الفعل مرّة لا محالة مع سكوت الصيغة عن دلالتها على غير تلك المرّة نفيا وإثباتا؟
الظاهر من مقالة القائلين بالمرّة واستدلالهم هو الوجه الثاني.
هذا فيما إذا أوجد الفعل في الآن المتأخّر عن زمان إيجاده أوّلا ، وأمّا إذا أوجد فعلين في زمان واحد فقد عرفت أنّ الظاهر أنّه ليس مراد القائل بالمرّة تقييد كون الإيجاد بعدم اجتماع إيجاد آخر معه مقارن له.
ثمّ مراد القائلين بالتكرار ـ أيضا ـ يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون التكرار مأخوذا في المأمور به على وجه لا يحصل الامتثال أصلا إلاّ بالإتيان به مكرّرا على الوجه المتقدّم.
وثانيهما : أن يكون مأخوذا ـ بلحاظ كونه عنوانا ـ عن الأفعال المتكرّرة ، فيكون كلّ واحد من تلك الأفعال واجبا مستقلا يحصل بكلّ منها امتثال ، وبترك كلّ منها مخالفة.
الظاهر هو الثاني ، نظرا إلى قياسهم المقام بالنهي ، فإنّ دلالة النهي على التكرار على هذا الوجه.
الخامس (١) : الثمرة بين القول بالتكرار وكلّ من القولين الآخرين واضحة ، وأمّا بينهما فهي في غاية الخفاء جدّاً ، نظرا إلى كفاية المرّة بالمعنى الّذي عرفت في امتثال الأمر على كلّ من القولين وثبوت التخيير عقلا بين جميع أفراد المأمور به في مقام الامتثال على كل منهما ، إذ القائلون بالمرّة لا يقولون بتعيين
__________________
(١) أي ( الأمر الخامس في الثمرة ) على ما جاء في هامش الأصل.