وكيف كان ، فإذا جاز ذلك وأمكن فيجوز للمكلف الإتيان بالأفضل ثانيا بعنوان كونه هو الواجب إذا قام دليل شرعي عليه ، وإنّما قيّدنا الجواز بقيام الدليل الشرعي عليه ، إذ لولاه لم يعلم ببقاء الطلب بالمعنى المتقدّم ، ويحتمل حصول الغرض بالأوّل ، إذ لا ملازمة بين الأفضليّة وبين إيقاف الغرض عليه إلى الوقت ، بل يمكن الاكتفاء بالأوّل ، بل ربما يعلم حينئذ باكتفاء الشارع بالأوّل لعدم البيان ، فلا يبقى عند الإتيان بالأفضل طلب بالمعنى المتقدّم.
وكيف [ كان ] فلا بدّ للمكلّف من إحراز ذلك الطلب ، وأنّ الغرض بعد لم يحصل بالفرد الأوّل الأدون ، حتّى يجوز له الإتيان على الوجه المذكور ، وإلاّ كان تشريعا ، وإحرازه لا يكون إلاّ بدليل شرعيّ قائم عليه.
وتظهر الثمرة فيما إذا ورد دليل شرعيّ يدلّ عليه ، فإن قلنا بالإمكان وجب الأخذ به والحكم بمقتضاه وإلاّ فيئول إلى غير هذا المعنى إن أمكن ، وإلاّ فيطرح لمخالفته للعقل.
ومن هذا الباب الأخبار الواردة في استحباب إعادة صلاة ـ صلاّها منفردا ـ جماعة إذا أقيمت الجماعة بعد ما صلّى منفردا :
منها : رواية عمّار عن أبي عبد الله عليه السلام : « عن الرّجل يصلي الفريضة ثم يجد قوما يصلّون جماعة أيجوز له أن يعيد الصلاة معهم؟ قال ـ عليه السلام ـ : نعم بل هو أفضل » (١) ، فإنّها ظاهرة بل صريحة في جواز الإتيان بالفرد الأفضل ـ وهو الصلاة جماعة ـ بعد إتيان الأدون على أنّه هو الواجب المأمور به أوّلا ، فإنّ الإعادة حقيقة في ذلك وظاهرة فيه أو صريحة.
ومنها : رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « قلت لأبي
__________________
(١) الوسائل : ٥ ـ ٤٥٦ ، كتاب الصلاة ـ أبواب صلاة الجماعة ـ باب : ٥٤ ـ ح : ٩ ، وقد ورد الحديث في المصدر هكذا : « نعم وهو أفضل ».