وجهين :
أحدهما : اختلاف الوجوب والاستحباب بحسب الموضوع والمتعلّق.
وثانيهما : أنّ الوجوب المأخوذ هنا هو الوصفي لا الغائي ، والأوّل لا يستلزم بقاء الأمر فعلا ، بخلاف الثاني.
وكلّ من الوجهين كاف في رفع التنافي المذكور. واعتبار الوجوب الوصفي هنا ـ بمعنى إتيان الفعل ثانيا على أنّه هو الواجب مع سقوط الوجوب عنه بالفعل ـ نظير اعتباره في الصلاة المعادة استحبابا.
قال دام ظلّه : حكموا بأنّ من صلّى يستحب [ له ](١) إعادة [ ما ](٢) فعل أيضا.
قلت : لعلّه من باب الاحتياط لاحتمال خلل فيما فعله أوّلا قال : لا ، بل قالوا به مطلقا حتّى في صورة القطع بصحّة ما فعله أوّلا ، وقالوا باستحباب الإعادة بفعله ثانيا بعين فعله أوّلا ، ولم يخصّصوا بما إذا كان قد فعل الأوّل محرزا لبعض الأمور المعتبرة فيه بالأصل ، بل في صورة القطع.
أقول : إنّ في هذا الباب ـ أيضا ـ طائفة من الأخبار (٣) دالّة عليه ، والظاهر أنّها دالّة على استحباب الإعادة لكون الإتيان بأزيد من دفعة أفضل من الإتيان بالمأمور به مرّة واحدة ، فيكون من قبيل الأقلّ والأكثر الّذي هو الأفضل من الأقلّ ، فإنّ الأمر وإن كان يسقط بالأقلّ ، لكنّ الامتثال بالمعنى المتقدّم يقوم بالمجموع لكونه أفضل من الأقلّ وحده.
ثمّ إنّه على تقدير عدم إمكان ما قدّمنا قد ذكرنا أنّه لا بدّ أوّلا من التأويل
__________________
(١ و ٢) إضافة يقتضيها السياق.
(٣) الظاهر أنه يريد نظير الحديث : ٩ من الباب : ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة ـ من كتاب الصلاة ـ من الوسائل : ٤ ـ ٤٥٦ والحديث : ٣ و ٤ من الباب : ٤٣ من أبواب صلاة الجماعة ـ من كتاب الصلاة ـ من مستدرك الوسائل : ٦ ـ ٤٩٥ ـ ٤٩٦.