حس الشاعر المرهف الذي يستطيع بريشته الفنية أن يعبر عن غرضه الأسمى والأهم بواسطة الوصف والتصوير.
ومن هنا أصبح بإمكان المتلقي أن يرصد أهداف الشاعر وأغراضه الأساسية في نهاية قصائده الوصفية ، باعتبار انّ الوصف ليس غاية الشاعر المنشودة وانما وسيلة يصل بها الى المضامين الرفيعة التي توخاها الشاعر من قصيدته.
فنجد مثلاً قصيدة « بنت الريف » التي صور فيها الشاعر الطبيعة أجمل تصوير تبدأ بالتصاوير التقليدية والأوصاف المألوفة التي حرص الشعراء على تصويرها في أشعارهم الوصفية :
طف بالقـرى واهبط بدنيا الريف |
|
واستجل سر جمالها الـمكشوف |
تجـد الطبيعة عنـدهـا مجلـوّةً |
|
حيث الطبيعة من بنات الـريف |
والحسن سطـرٌ والربوع صحائف |
|
خطت بها الألطاف خير حروف |
أنّى التفت وجـدت في جنباتهـا |
|
مرأىً يروق لقلبـك المشغـوف |
في الروض وهو منـسقٌ ومـؤلف |
|
في أبدع التنسيـق والـتألـيف |
في الشاطيء الزاهي وقد صفت على |
|
حـافـاته أزهـاره كصفوف |
فـي النهر وهو يجيش فـي طغيانه |
|
متـدفقـاً يجري بغير وقـوف |
فـي نغمة الشادي وقد مالت به |
|
نفحات أعطاف الغصـون الهيف |
فـي كل شيءٍ منه أسفر ضاحكاً |
|
وجه الطبيعة من ربى وطفوف (١) |
ثم يواصل الشاعر وصف مظاهر الطبيعة في الريف ، مفصلاً جمالها الخلاّب وصفاءها الرائع لكي يصل في النهاية الى مقصوده الحقيقي من وصفه وهو تصوير
__________________
١ ـ الطفوف جمع طف : الشاطيء. ( لسان العرب ، ج ٨ ، ص ١٧٢ ).