حياة البؤس والشقاء التي كان يعانيها الفلاح آنذاك في ظل نظام الاقطاع الجائر :
وهنـاك شمَّـر كادح عـن ساعد |
|
كحسامـه ماضي الغرار رهيف |
... يروي
الحقول بمقلة تُسقى بها |
|
عن مدمع شبه العهاد وكـوف |
وبـأختهـا يـرعـى فـراخـاً |
|
جوعاً جرداً كأنهم غصون خريف |
يتضـورون ويكتفـون قنـاعـةً |
|
ان اطعمـوا فـي كسرة ورغيف |
إلى أن يقول :
حتـى اذا وافـى الحصاد وأقبلت |
|
معـه الجباة السـود شبه حتوف |
فـاذا الزروع وغيرهـا ما سددت |
|
ديـن الغريـم ولاوفت بـطفيف |
واذا بهـم يتضـرعـون لربـهم |
|
عـن كـل قلب موجـع ملهوف |
أفنعدم الستـر الـبسيطَ لعـورة |
|
منّـا تصان بـه عـن التكشيف |
أو بـرقعاً فيـه العـذارى تتقـي |
|
نظـر المـريب اذا رنا لـصليف |
وتـرى سوانـا رافـلاً متبختـراً |
|
بـمطارف بـراقـة وشفـوف |
أفهكـذا الانصاف أصبح حاكماً |
|
ان يلهم الاجحاف كل ضعيف (١) |
والقصيدة مليئة بمثل هذه الصور الأليمة والمناظر المريعة والحزينة. وقد حرص الشاعر على تجسيدها في شعره رغبة منه في توظيف الوصف لصالح الأهداف والمطالب الاجتماعية.
ولم يكن هذا المسلك قاصراً على وصف الطبيعة فقط. فقد شمل أيضاً وصف الأماكن التي عاش فيها الشاعر أو مرّ بها من خلال أسفاره ورحلاته.
فها هو ينظم قصيدة في وصف « طاق كسرى » لا لمجرد الوصف فقط بل لنيل العبر والدروس :
__________________
١ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ٣٠٣ ـ ٣٠٧.