استحكام القصيدة وانسجامها. بينما يتجه الشعراء اللبنانيون في الغالب إلى تنوع القافية وتعددها.
وما بين الملحمتين نقطة اشتراك اُخرى تستوقفنا وهي جمالية التعبير عند الفرطوسي وسلامة. وقبل الدخول في خصائص الجماليتين نضرب مثلاً على ذلك لتتبين معالم الجماليتين أكثر فأكثر. نأخذ على سبيل المثال قول الفرطوسي في مولد الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام :
قبسـات مـن الهدايـة شقّت |
|
ظلمات العمى بصبـح مُضاء |
ولواء التـوحيد رفّ فـلفّت |
|
عذبات الإلحـاد والكبريـاء |
ويقيـن أهاب بـالشك حتّـى |
|
أذهب الريب من ضمير الرياء |
نفحات مـن الامـامة أوحت |
|
بشـذاهـا شمائـل الأنبيـاء |
حملتهـا أمانـة ورعتهــا |
|
حين أدّت مـا عندها بوفـاء |
خير أُمّ عـذراء قُدْساً وطهراً |
|
هـي أسمى قدراً من العذراء |
وضعتهـا يمناً بـأزكى مكان |
|
فتجلّت كـالـدرّة البيضـاء |
حين شُقّ البيت الحرام جلالاً |
|
يـوم ميـلاد سيّـد الأوصياء |
فـأقامـت بـه ثلاثـاً بأمنٍ |
|
وثمـار الجنـان خيـر غذاء |
وقريـش فـي حيـرة تتقرّى |
|
غامض السر في ضمير الخفاء |
وإذا بـالفضاء يزهـو بهـاء |
|
بهاء مـن مُحيّاً مباركٍ وضّاء |
وعلـي كالبـدر يشرق نوراً |
|
وهي بشـراً تضيء كالجوزاء |
حملته كـالذكر بيـن يديهـا |
|
حيـن وافت لسيّـد البطحاء |
فتجلّى والحـق فجـرٌ مبينٌ |
|
دامغـاً كـل بـاطل وافتراء |