في النجف. وقد عرفت النجف قديماً بندواتها ومجالسها الكثيرة ، وفي هذا الشأن يقول جعفر الخليلي : « والمجالس كانت عنوان النجف منذ كان تأريخ النجف ، وهي تمثل النجف تمثيلاً فيه الكثير من واقع البلد وحقيقته وأهدافه ، وفي هذه المجالس كانوا يتبادلون الآراء والأفكار السياسية ، وفي هذه المجالس كانت توضع الخطط ، وتعد المناهج العامة ثم هي بعد ذلك أشبه بقاعات المحاضرات ، والدرس ، والمباراة الشعرية ، بل كثيراً ما قامت هذه المجالس بمهمة المحكمة ففصلت بين المتشاكين ، وتوسطت في حل المشاكل على قدر ما لصاحب المجلس من لياقة وقابلية ، والمرتادون لهذه المجالس وإن كانوا من طبقات مختلفة ولكنهم كانوا عيون البلد ووجوههم لا يصلح غيرهم أن يمثل النجف تمثيلاً واقعياً في أفكاره وآرائه وما هي عليه من مواهب أدبيه فنية ، والى مثل هذه المجالس يعود الفضل الأول في بذرة الاستقلال ، ووضع أول خطة لكيفية المطالبة باستقلال العراق ، ومن هذه المجالس انبعثت فكرة ثورة النجف الأولى في وجه الانجليز ، والى مثل هذه المجالس يعود الفضل في تضييق دائرة الحروب القبلية (١) ».
وعن هذه المجالس نشأت جمعيات ونوادي كثيرة اهتمت في الدرجة الاولى بالشعر والادب ، وبنشر العلوم والفنون في الدرجة الثانية. ومن هذه الجمعيات ما كانت على شكل تجمعات إخوانية لم تحمل طابعاً رسمياً كـ « أسرة الأدب اليقظ (٢) » ، ومنها جمعيات رسمية تأسست بإذن حكومي وبنظام داخلي
__________________
١ ـ هكذا عرفتهم ، ج ١ ، ص ٣١٦.
٢ ـ جمعية أدبية تشكلت في الخمسينات. وضع أساسها ثلة من الشعراء الشباب آنذاك منهم السيد مصطفى جمال الدين ، والشيخ جميل حيدر ، والشيخ محمد الهجري. ( مصطفى جمال الدين : الديوان ، ص ٤٢ ـ ٤٧ ).