ربهم وأحب ذلك إلى الله عز وجل ما هو فقال ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ألا ترى أن العبد الصالح ـ عيسى ابن مريم عليهالسلام قال : « وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا ».
______________________________________________________
أحدهما : أن المعرفة أفضل الأعمال لكن بعد المعرفة ليس شيء أفضل من الصلاة ، والثاني : أن الأعمال التي يأتي بها العبد بعد حصول المعارف الخمس :
الصلاة أفضل منها ، إذ لا فضل لعمل بدون المعرفة حتى يكون للصلاة فضل ، أو يكون أفضل من غيرها مع أنه يقتضي أن يكون لغيرها ، فضل أيضا فتأمل.
قال : الشيخ البهائي (ره) : المراد بالمعرفة في قوله « عليهالسلام » لا أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ما يتحقق بها الإيمان عندنا من المعارف الخمس ، وما قصده عليهالسلام من أفضلية الصلاة على غيرها من الأعمال وإن لم يدل عليها منطوق الكلام إلا أن المفهوم منه بحسب العرف ذلك كما يفهم من قولنا : ليس بين أهل البلد أفضل من زيد أفضليته عليهم وإن كان منطوقه نفي أفضليتهم عليه وهو لا يمنع المساواة ، هذا وفي جعله عليهالسلام قول عيسى : على نبينا وعليه السلام : « وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا » (١) مؤيدا لأفضلية الصلاة بعد المعرفة على غيرها من الأفعال نوع خفاء ، ولعل وجهه ما يستفاد من تقديمه عليهالسلام ما هو من قبيل الاعتقادات في مفتتح كلامه ثم أردفه ذلك بالأعمال البدنية والمالية ، وتصويره لها بالصلاة مقدما لها على الزكاة ، ولا يبعد أن يكون التأييد لمجرد تفضيل الصلاة على غيرها من الأعمال من غير ملاحظة تفضيل المعرفة عليها ، ويؤيده عدم إيراده عليهالسلام صدر الآية في صدد التأييد ، والآية هكذا : « قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي » الآية. (٢)
__________________
(١) سورة مريم : الآية ٣١.
(٢) سورة مريم : الآية ٣٦.