أعناقهم الدماء وإن هؤلاء قطنوا بمكة فصاروا كأنهم من أهل مكة وأهل مكة لا متعة لهم فأحببت أن يخرجوا من مكة إلى بعض المواقيت وأن يستغبوا به أياما فقال لي وأنا أخبره أنها وقت من مواقيت رسول الله صلىاللهعليهوآله يا أبا عبد الله فإني أرى لك أن لا تفعل فضحكت وقلت ولكني أرى لهم أن يفعلوا فسأل عبد الرحمن عمن معنا من النساء كيف يصنعن فقال لو لا أن خروج النساء شهرة لأمرت الصرورة منهن أن تخرج ولكن مر من كان منهن صرورة أن تهل بالحج في هلال ذي الحجة فأما اللواتي قد حججن فإن شئن ففي خمس من الشهر وإن شئن فيوم التروية فخرج وأقمنا فاعتل بعض من كان معنا من النساء الصرورة منهن فقدم في خمس من ذي الحجة فأرسلت إليه أن بعض من معنا من صرورة النساء قد اعتللن فكيف تصنع فقال فلتنظر ما بينها وبين التروية فإن طهرت فلتهل بالحج وإلا فلا يدخل عليها يوم التروية إلا
______________________________________________________
الطواف المندوب للمتمتع قبل الخروج إلى منى قولان أشهرهما المنع.
إذا عرفت ذلك فاعلم : أن هذا الخبر يدل على أنه يجوز للمفرد تقديم الطواف وإيقاعه ندبا وأنه يلزمه تجديد التلبية عند كل طواف وأنه يحل إذا ترك التلبية وذهب الموجبون للتلبية إلى أنه ينقلب حجه عمرة بترك التلبية وإثباته من هذا الأخبار لا يخلو من إشكال ، وأيضا يدل الخبر على أن تجديد التلبية بعد ركعتي الطواف ، وكلام أكثر الأصحاب في ذلك مجمل ، وصرح الشهيد الثاني : رحمهالله بأن التلبية بعد الطواف وقبل الصلاة ويدفعه هذا الخبر الصحيح ، ولعل الاحتياط في الإتيان بها في الموضعين.
قوله عليهالسلام : « وأن يستغبوا به » ، أي يهجروا ويتأخروا مجازا قال في النهاية فيه « زر غبا تزدد حبا » الغب من أوراد الإبل : أن ترد الماء يوما وتدعه يوما ثم تعود ، فنقله إلى الزيارة وإن جاء بعد أيام. يقال : غب الرجل إذا جاء زائرا بعد أيام. وقال الحسن : في كل أسبوع. (١)
__________________
(١) نهاية ابن الأثير : ج ٣ ص ٣٣٦.