« فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ » فقال هذا هو في الحرم فقال « فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ ».
______________________________________________________
« فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ » أي فلا عقوبة عليهم وإنما العقوبة بالقتل على الكافرين المقيمين على الكفر فسمي القتل عدوانا من حيث كان عقوبة على العدوان ، وهو الظلم كما قال « فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ».
وقيل معنى العدوان : الابتداء بالقتال ، وهذه الآية ناسخة للأولى التي تضمنت النهي عن القتال في المسجد الحرام حتى يبتدأوا بالقتال فيه لأن فيها إيجاب قتالهم على كل حال حتى يدخلوا في الإسلام ، وعلى ما ذكرنا في الآية الأولى عن ابن عباس أنها غير منسوخة فلا تكون هذه الآية ناسخة بل هي تكون مؤكدة.
وقيل : بل المراد بها أنهم إذا ابتدأوا بالقتال في الحرم يجب قتالهم (١) حتى يزول الكفر وقال : في قوله تعالى : « الشَّهْرُ الْحَرامُ » في تقديره وجهان.
أحدهما : قتال (٢) الشهر الحرام بقتال الشهر الحرام فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، أي القتال في عمرة القضاء بالقتال في عام الحديبية.
وثانيهما : الشهر الحرام ذو القعدة التي دخلتم فيه مكة واعتمرتم وقضيتم منها وطركم في سنة سبع بالشهر الحرام ذي القعدة الذي صددتم فيه عن البيت ، ومنعتم عن مرادكم في سنة ست ، « وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ » قيل فيه قولان.
أحدهما : أن الحرمات قصاص بالمراغمة بدخول البيت في الشهر الحرام.
قال مجاهد : لأن قريشا فخرت بردها رسول الله صلىاللهعليهوآله عام الحديبية محرما في ذي القعدة عن البلد الحرام فأدخله الله تعالى مكة في العام المقبل في ذي القعدة فقضى عمرته وهو المروي عن أبي جعفر عليهالسلام وغيره.
والثاني : أن الحرمات قصاص بالقتل في الشهر الحرام أي لا يجوز للمسلمين إلا قصاصا ، قال الحسن : إن مشركي العرب قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوآله أنهيت عن قتالنا
__________________
(١) هكذا في الأصل : وفي المجمع مقاتلهم.
(٢) هكذا في الأصل : وفي المجمع شهر الحرام.