اليوم الاخر أو اطلق التغدي على التعشي للمشاكلة «وتغدى معهم» هذا ليس بصريح في الاكل معهم في إناء واحد كما هو ظاهر الخبر الاتي برواية المشكوة (١) فلا ينافي الامر بالفرار من المجذوم ، مع أنه يمكن أن يكونوا مستثنين من هذا الحكم لقوة توكلهم وعدم تأثر نفوسهم بأمثال ذلك ، أو لعلهم بأن الله لايبتليهم بأمثال البلايا التي توجب نفرة الخلق.
ثم اعلم أن الاخبار في العدوى مختلفة ، فقد روي أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : «عدوى ولا طيرة» وقد ورد «فر من المجذوم فرارك من الاسد» وقيل في الجمع بينهما : أن حديث الفرار ليس للوجوب بل للجواز أو الندب احتياطا « خوف ما يقع في النفس من العدوى ، والاكل والمجالسة للدلالة على الجواز وايد ذلك بما روي من طرق العامة عن جابر أنه صلىاللهعليهوآله أكل مع المجذوم ، فقال : آكل ثقة بالله وتوكلا عليه ، ومن طرقهم أيضا أن امرأة سألت بعض أزواجه صلىاللهعليهوآله عن الفرار من الجذوم فقالت : كذ والله وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا عدوى وقد كان لنا مولى أصابه ذلك وكان يأكل في صحافي ويشرب من قداحي وينام على فراشي ، وقال بعض العامة : حديث الاكل ، ناسخ لحديث الفرار ، ورده بعضهم بأن الاصل عدم النسخ على ان الحكم بالنسخ يتوقف على العلم بتأخر حديث الاكل وهو غير معلوم ، وقال بعضهم للجمع : حديث الفرار على تقدير وجوبه إنما كان لخوف أن تقع العلة بمشية الله فيعتقد أن العدوى حق.
٣١ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن هارون بن
____________________
(١) عن أبى عبدالله عليهالسلام قال : فان على بن الحسين عليهماالسلام اذا مشى لايسبق يمينه شماله ، فقال ولقد مر على المجذومين يأكلون فسلم عليهم فدعوه إلى طعامهم فمضى ، ثم قال : ائتونى في المنزل ، فأتوه فأطعمهم وأعطاهم ، وزاد فيه ابن أبى عمير عنه عليهالسلام أنه تغدى معهم. راجع ص ٢٢٦ من المشكوة ، ج ٢ ص ٢٨٥ من أمالى الشيخ الطوسي.