الجزم بوجوده تعالى ، وصفاته المقدسة وسائر العقائد الحقة ، مع ما ينافيه من العقائد الباطلة والشكوك والشبهات في ذهن واحد كما أشرنا إليه سابقا وقيل : يعني كما أن الظاهر من هذه الاجسام لا يصلح تعددها في محل واحد ، كذلك باطن الانسان الذي هو ذهنه وحقيقته لا يصلح أن يكون ذا قولين مختلفين ، أو عقيدتين متضادتين ، وقيل : الذهن الذكاء والفطنة ، ولعل المراد هنا التفكر في الامور الحقة النافعة ، ومباديها وكيفية الوصول إليها ، وبالجملة أمره بأن يكون لسانه واحدا ، وقلبه واحدا ، وذهنه واحدا ، ومطلبه واحدا ، ولما كان سبب التعدد والاختلاف أمرين : أحدهما تسويل النفس ، والاخر الغفلة عن عقوبة الله ، عقبه بتحذيرها ، وربما يقرأ بالدال المهملة من المداهنة في الدين ، كما قال تعالى : «أفبهذا الحديث أنتم مدهنون» (١) وقال : «ودوا لوتدهن فيدهنون» (٢) وهذا تصحيف وتحريف مخالف للنسخ المضبوطة.
٦٤
*(باب)*
*«(الحقد ، والبغضاء ، والشحناء والتشاجر ، ومعاداة الرجال)»*
الايات الانفال : وأطيعوا الله ورسوله ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم (٣).
الحشر : ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا (٤).
١ ـ ل : أحمد بن إبراهيم بن الوليد عن محمد بن أحمد الكاتب رفعه أن أمير المؤمنين عليهالسلام قال لبنيه : يا بني إياكم ومعاداة الرجال ، فإنهم لا يخلون من ضربين : من عاقل يمكر بكم ، أو جاهل يعجل عليكم ، والكلام ذكر ، والجواب
____________________
(١) الواقعة : ٨١. (٢) القلم : ٩.
(٣) الانفال : ٤٦. (٤) الحشر : ١٠.