نفرة الرعية منهم وإعراض الناس عنهم.
وبالجملة فكما أن في التعرض لاظهار عيوب الناس خطرا ومحذورا فكذا في حسم مادته وسد باب ، فانه معز لاهل النقائص ومرتكبي المعاصي ، بماهم عليه ، فلابد من تخصيص الغيبة بمواضع معينة يساعدها الاعتبار ، وتوافق مدلول الاخبار ، وفي استثنائهم للامور المشهورة التي نصوا على جوازها وهي بصورة الغيبة شهادة واضحة بما قلناه ، فان مأخذه الاعتبار ، فهو قابل للزيادة والنقصان ، بحسب اختلاف الافكار.
وللسيد الامام السعيد ضياء الدين أبي الرضا فضل الله بن علي الحسني في شرحه لكتاب الشهاب المتضمن للاخبار المروية عن النبي صلىاللهعليهوآله في الحكم والاداب كلام جيد في تفسير قوله صلىاللهعليهوآله «ليس لفاسق غيبة» كلام يساعد على ما ذكرناه حيث قال : إن الغيبة ذكر الغائب بما فيه من غير حاجة إلى ذكره ، ثم قال : فأما إذا كان من يغتاب فاسقا فانه ليس ما يذكر به غيبة ، وإنما يسمى ما يذكر به في غيبته غيبة إذا كان تائبا نادما فأما إذا كان مصرا عليه فانها ليست بغيبة ، كيف وهو يرتكب ما يغتاب فيه جهارا ، وفي أخبارنا وكلام بعض أهل اللغة ما يشهد له كقول الجوهري «خلف إنسان مستور» وكما في رواية الازرق «مما يعرفه الناس» ورواية ابن سيابة «ما ستر الله عليه».
والحاصل أن الاعتبار يقتضي اختصاص الحكم بالمستور الذي لا يترتب على معصيته أثر في غيره ، ويحتمل حالهم عدم الاصرار عليها ، إن كانت صغيرة ، والتوبة منها إن كانت كبيرة ، أو يرتجى له ذلك قبل ظهورها عنه ، واشتهاره بها ، ولا يكون في ذكرها صلاح له كما إذا قصد تقريعه وظن انزجاره ، وكان القصد خالصا من الشوائب ، والادلة لا تنافي هذا فلا وجه للتوقف فيه ، وإذا علم حكم غير المؤمن في الغيبة ، فالحال في نحوها من النميمة وسوء الظن أظهر ، فان محذور النميمة هو كونها مظنة للتباعد والتباغض وذلك في غير المؤمن تحصيل للحاصل ، وقريب منه الكلام في سوء الظن.