فقال المغيرة : قد جَرّبتُ ، وعملت قبلك لغيرك ، فلم يذمم بي دفع ولا رفع ولا وضع ، فستبلوا فتحمد أو تذم.
قال : بل نحمد إن شاء الله تعالى ) (١).
ولم يكتفي معاوية بهذه الوصية حتى كتب إليه من الشام : ( أظهر شتم عليّ وتنقّصه ).
ويبدو أن المغيرة ـ بالرغم من مشاركته في كفره ونفاقه ، وبالرغم من مصاهرته له على أخته آمنة بنت أبي سفيان ـ لم يستسغ الإيغال في السبّ فكتب إليه : ( ما أحبّ لك يا أمير المؤمنين أن كلّما عتبت تنقصت ، وكلّما غضبت ضربت ، ليس بينك وبين ذلك حاجز من حلمك ولا تجاوز من عفوك ) (٢).
والمغيرة هو الذي كشف عن كفر معاوية لابنه كما مرّ عنه الخبر في ذلك.
قال الشعبي ـ وهو من شيعة الأمويين النواصب ـ : ( وأقام المغيرة على الكوفة عاملاً لمعاوية سبع سنين وأشهراً ، وهو من أحسن شيء سيرة ، وأشدّه حُبّاً للعافية ، غير أنّه لا يدع ذكر عليّ والوقوع فيه ، والعيب لقتلة عثمان واللعن لهم ، والدعاء لعثمان بالرحمة والإستغفار له ، والتزكية لأصحابه.
فكان حُجر بن عدي إذا سمع ذلك قال : بل إياكم فذمم الله ولعن ، ثم قام فقال : إنّ الله عزوجل يقول : ( كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى
____________
١ ـ تاريخ الطبري ٥ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ تح إبراهيم.
٢ ـ انساب الأشراف ١ / ٨٣ ق ٤ تح أحسان.