أَنفُسِكُمْ )(١) ، وأنا أشهد أنّ مَن تذمّون وتعيّرون لأحق بالفضل ، وأنّ مَن تزكّون وتطرون ، أولى بالذم ...
قال الشعبي في حديثه المشار إليه آنفاً : فلم يزل المغيرة حتى كان في آخر إمارته ، قام المغيرة فقال في عليّ وعثمان كما كان يقول ... فقام حُجر ابن عدي فنعر نعرة بالمغيرة سمعها كلّ من كان في المسجد وخارجاً منه ، وقال : إنّك لا تدري بمن تولع من هرمك أيها الإنسان ، مُر لنا بأرزاقنا وأعطياتنا ، فإنّك قد حبستها عنّا ، وليس ذلك لك ، ولم يكن يطمع في ذلك مَن كان قبلك ، وقد أصبحتَ مولعاً بذم أمير المؤمنين وتقريظ المجرمين.
قال الشعبي ـ راوي الخبر ـ فقام معه أكثر من ثلثي الناس يقولون : صدق والله حُجر وبرّ ، مر لنا بأرزاقنا وأعطياتنا فإنّا لا ننتفع بقولك هذا ، ولا يجدي علينا شيئاً ، وأكثروا في مثل هذا القول ونحوه ) (٢).
ولمّا هلك المغيرة ضمّ معاوية ولاية الكوفة مع البصرة إلى زياد ، وفي أيامه عظم الخطب ، وظهر أفظع النُصب ، وهو الذي سعى في قتل حُجر بن عدي رحمة الله عند معاوية ، لأنّه أنكر السبّ ، وحمله ومن معه مقيّدين بالحديد إلى الشام ، فأمر معاوية بقتلهم بمرج عذراء ، وقد كان حُجر رحمة الله هو الذي أفتتح تلك الأرض وأوّل من سُمع منه الأذان فيها ، فكانت شهادتهم إحدى بوائق معاوية كما قال الحسن البصري : ( أربع خصال كنّ في معاوية لو لم
____________
١ ـ النساء / ١٣٥.
٢ ـ تاريخ الطبري ٥ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥.