ورواه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) ، بإسناده عن أبي الأسود ، قال : ( دخل معاوية على عائشة ، فقالت : ما حملك على قتل حجر وأصحابه؟
فقال : يا أم المؤمنين رأيت قتلهم صلاحاً للأمّة ، وأنّ بقاءهم فساداً للأمّة (!!)
فقالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : ( سيقتل بعذراء ناسٌ يغضب الله لهم وأهل السماء ) (١). هذا هو لفظ ابن عساكر في تاريخه ، إلاّ أنّ اليد الأثيمة أمتدت إليه فحرّفته كما في ( تهذيب تاريخه ) لابن بدران ، فصارت كلمة ( سمعت ) ( لقد بلغني ). فظن خيراً (٢) ، ورواه ابن كثير في ( البداية والنهاية ) ، وقال : ( إسناد ضعيف منقطع ) (٣).
أقول : ولا غرابة منه ، فهو شامي البلد ، وأموي الهوى ، وناصبيّ العقيدة ، كيف لا يفزع للدفاع عن عاهل الشام ولو بأوهن من بيت العنكبوت ، ولكن هلم الخطب فيمن صحّف وحرّف في كلمة ( بعذراء ) فجعلها ( بعدي ) ، كما في إصابة ابن حجر المطبوعة في ترجمة حُجر!! وقد راجعت طبعتين من الكتاب في مصر الطبعة الأولى التي بهامشها ( الإستيعاب ) نشر مصطفى محمد بمصر ، والثانية بتحقيق البجاوي طبعة مصر.
على أنّ ابن عبد البر قد ذكر في ترجمة حُجر في ( الإستيعاب ) ما هو أشدّ وقعاً وإيلاماً للأمويين وأنصارهم ، فقد روى عن مسروق بن الأجدع ، قال : ( سمعت عائشة أم المؤمنين تقول : أما والله لو علم معاوية
____________
١ ـ تاريخ دمشق ١٢ / ٢٢٦٠.
٢ ـ تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٨٩.
٣ ـ البداية والنهاية ٦ / ٢٢٦ و ٨ / ٥٥.