أنّ عند أهل الكوفة منعة ما أجترأ على أن يأخذ حُجراً وأصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام ، ولكن ابن آكلة الأكباد علم أنّه قد ذهب الناس ، أما والله أن كانوا لجمجمة العرب عزاً ومنعة وفقهاً ، لله درّ لبيد حيث يقول :
ذهب الذين يُعاش في أكنافهم |
|
وبقيت في خلف كجلد الأجرب |
لا ينفعون ولا يرجّى خيرهم |
|
ويعاب قائلهم وأن لم يشغب ) (١) |
روى البلاذري في ( أنساب الأشراف ) بسنده عن شريك ، قال : ( كتبت عائشة في قتل حُجر أو غير ذلك : أما بعد يا معاوية فلا يغرنك حلم الله عنك
____________
١ ـ الاستيعاب ١ / ٣٣١ ، ومما يستظرف في المقام ذكره ما في كشف المشكل ٤ / ٤١١ ، في مسند عائشة : كان ابن عباس لا يدخل عليها .. أقول : ولم يمنعه ذلك أن يذكرها لما بلغه قولها في شعر لبيدَ رواه ابن عبد البر في كتابه بهجة المجالس ٢ / ٧٩٧ يصلح أن يكون من باب استدراك ابن عباس على عائشة : فقال : روى عروة عن عائشة أنها تمثلت بقول لبيد :
ذهب الذين يُعاش في أكنافهم |
|
وبقيت في خلف كجلد الأجرب |
يتحدثون ملالة وخيانة |
|
ويعاب قائلهم وأن لم يشغب |
ثم قالت كيف لو أدرك لبيد زماننا هذا؟
قال عروة : كيف لو أدركت عائشة زماننا هذا ، بلغ ابن عباس قول عائشة رحم الله لبيداً كيف لو أدرك زماننا هذا؟ فقال : ابن عباس : رحم الله لبيداً ورحم عائشة ، لقد أصبت باليمن سهماً في خزائن عاد كأطول ما يكون من رماحكم هذه ، مرتين مفوّق مكتوب عليه :
فهل لي إلى أجبال هند بذي اللوى |
|
لِوَى الرمل من قبل الممات معاد |
بلاد بها كنا ونحن نحبّها |
|
إذا الناس ناس والبلاد بلاد |
أنظر الخبر في العقد الفريد ٢ / ٣٣٩ ، ومحاضرات الأدباء ٢ / ١٦٩ ، مع أختلاف قليل في الرواية.