ابن عباس البالغة الذي أثبت كفرهم وكفر من أسس أساس الظلم والجور ، وهذا يعني أنّهم جميعاً تبعاً لمعاوية صاروا في الهاوية. ( وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ )(١).
وأصدق من يحدثنا عن هذه النتيجة ، هو الشعر الذي تناشده ابن عباس وقائده ، فهو تعبير صادق في تصوير الحال ، ودقة الوصف لما عرى النفر من كسوف الحال والمئآل ، فوجوم شابه خوف وحنق ، فبدت أعراضهما على ملامحهم ، فالعيون قد أحمرّت لما استولى الخوف والحنق على النفس ، فكأن نظرهم في ذلك ( نظر التيوس إلى شفار الجازر ) ، ونكّسوا أذقانهم بحالة الذليل مع العزيز القاهر ، كما وصفهم الحق في كتابه المجيد : ( يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ )(٢).
وهذا الجانب كان يمثل الجزاء الأخلاقي لهم ، وثمة جانب آخر يحكي الجزاء الإجتماعي قد ذكره البيت الثالث الذي تلاه ابن عباس رضياللهعنه ، والذي جعل أولئك النفر عاراً على أمواتهم ، كما أنّ أمواتهم مسبّة للغابر ـ ولمّا كان لفظ الغابر من الأضداد للباقي وللماضي ـ فمسبة أولئك الأموات ستكون سنّة مستديمة للحاضر والماضي ، كلّ هذا عن النتائج العاجلة المنظورة في الحياة الدنيا.
وأمّا عن النتائج غير المنظورة ، ولم يتطرق إليها الشعر بوصف أو بإيماءة عابرة ، فهي مواقف الرواة منذ زمان الحدَث وحتى يومنا الحاضر ،
____________
١ ـ الأنعام / ١٣٠.
٢ ـ الأنفال / ٦.