وأخيراً فقد كانت آخر ما عُرف عن ابن عباس من موقف سياسي مع يزيد ، ولم يكد جور السلطة الأموية ينتهي بموته ، فإنّه سيأتي لابن عباس مع عبد الملك بن مروان ما سنذكره.
ولقد أعجبت الرسالة بعضهم ، فقال :
نصرت ابن عباس حسين بن فاطم |
|
بحدّ لسان ما عن السيف ينقص |
دعتك إليه شيمة هاشمية |
|
لعمرك أنت الهاشمي المخلّص (١) |
غداة ابن هند أسلس القول طامعاً |
|
بودّك حاشا الله ودّك ينكص |
فلقّيته صعباً شديداً مراسه |
|
فتى ثأر أهليه به يتربّص |
وتالله لولا حكمة الله لانثنت |
|
لكم غارة منها السماء تقلّص (٢) |
ويبقى هذا الكتاب خير شاهد على تفجّر غيظه جُملاً حمماً ، تطاير حرفُها فصكّ بها وجه يزيد حتى همّ بقتله ، لولا أنّه شُغل بأمر ابن الزبير. وهو في وضعه المؤثّر المعبّر عن عظم المأساة وشدّة النكبة التي مُني بها المسلمون ، لم يتعدّ عن الواقع يومئذ ، كما أنّه في كتابه إستبان عظيم حزنه المتصل ، فهو في حداد مستمر وبكاء دائم ، وهذا حال بقية الهاشميين والهاشميات ، حتى لقد روي عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام أنّه قال : ( ما اكتحلت هاشمية ولا اختضبت ، ولا رؤي في دار هاشمي دخان خمس سنين ، حتى قتل عبيد الله بن زياد ) (٣).
____________
١ ـ الدرجات الرفيعة / ١٤٥ ط الحيدرية.
٢ ـ زيادة في مجموع المرحوم السيّد جعفر الخرسان بخطه ( عندي ).
٣ ـ أصدق الأخبار للسيّد الأمين / ٩١ ط صيدا.