قال : قلت : وأمّا قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين ، فأنا آتيكم بما ترضون ، أراكم قد سمعتم أنّ نبيّ الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم يوم الحديبية كاتب المشركين سهيل بن عمرو وأبا سفيان بن حرب ، فقال رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم لأمير المؤمنين : ( أكتب يا عليّ : هذا ما أصطلح عليه محمّد رسول الله ). فقال المشركون : لا والله ما نعلم أنّك رسول الله ، لو نعلم أنّك رسول الله ما قاتلناك. فقال رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم : ( اللّهمّ إنّك تعلم أنّي رسولك ، أكتب يا عليّ : هذا ما أصطلح عليه محمّد بن عبد الله ). فوالله لرسول الله خير من عليّ ، وقد محا نفسه ، ولم يكن محوه نفسه ذلك محاه من النبوّة. أخرجت من هذه؟
قالوا : نعم.
قال عبد الله بن عباس : فرجع منهم ألفان ، وخرج سائرهم فقتلوا على ضلالهم ، قتلهم المهاجرون والأنصار ).
أقول : لقد ذكر عبد الرزاق في ( المصنف ) هذه المحاورة (١) ، ولم يذكر في أوّلها أنّهم كانوا ستة آلاف ، وذكر في آخرها : ( فرجع منهم عشرون ألفاً وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا ) ، وأحسبه قد وهم في ذكر رجوع عشرين ألفاً ، والصواب ما مرّ من رجوع الفين وبقي منهم أربعة آلاف على ضلالتهم ، فصاروا جميعاً ستة آلاف ، وهو ما مرّ ذكره عن سنن النسائي
____________
١ ـ المصنف ١٠ / ١٥٧ ـ ١٦٠ منشورات المجلس العلمي.
وذكره السيوطي في الدر المنثور ٢ / ١٥٧. ط أفست الإسلامية ، وقال : أخرجه الطبراني ، والحاكم وأبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في سننه.