العدة برؤية القطرة من الدم الثالث ، وقد قلنا ما عندنا في ذلك وحققناه ، وهو انها إن كانت لها عادة مستقيمة مستمرة ، فمذهب شيخنا أبي جعفر وقوله صحيح ، وإن لم يكن لها عادة مستمرة فلا تخرج من العدة ، إلا بعد استيفاء ثلاثة أيام متتابعات ، لأنها في العدة بيقين ، فلا تخرج من اليقين إلا بيقين مثله ، فهذا تحرير القولين.
وإذا رأت المرأة دم الحيض ، تعلّق بها عشرون حكما ، لا يجب عليها الصّلاة ، ولا يجوز منها فعل الصلاة ، ولا يصح منها الصّوم ، ويحرم عليها دخول المساجد إلا عابر سبيل ، إلا المسجدين ، ولا يصح منها الاعتكاف ، ولا يصحّ منها الطواف ، ويحرم عليها قراءة العزائم ، ويحرم عليها مس كتابة القرآن ، ويحرم على زوجها وطؤها ، ويجب عليه إذا وطأها متعمدا الكفارة ، إن كان في أوله فدينار ، وإن كان في وسطه فنصف دينار ، وإن كان في آخره فربع دينار ، ويجب عليه التعزير.
وهل الكفارة واجبة أو مندوبة؟ لأصحابنا فيه قولان ، الأظهر من المذهب انّها على الوجوب ، والآخر أنّها على الندب ، فالسيد المرتضى رحمهالله وجماعة من أصحابنا مذهبهم الأول ، والشيخ أبو جعفر موافق لهذا القول في جمله وعقوده (١) ، وذكر في نهايته (٢) انّها على الندب والاستحباب ، فقوله في جمله وعقوده هو فتواه ، وما ذكره في نهايته عذره فيه قد أوضحناه.
فإذا كرر الوطء فالأظهر أنّ عليه تكرار الكفارة ، لأنّ عموم الأخبار يقتضي أنّ عليه بكلّ دفعة كفارة ، والأقوى عندي والأصح أن لا تكرار في الكفارة ، لأنّ الأصل براءة الذمة ، وشغلها بواجب أو ندب يحتاج إلى دلالة شرعية ، فأمّا العموم فلا يصح التعلّق به في مثل هذه المواضع ، لأنّ هذه أسماء
__________________
(١) الجمل والعقود : في ذكر الحيض والاستحاضة والنفاس ، رقم ١٠ و ١١ من واجباته.
(٢) النهاية : كتاب الطهارة ، باب حكم الحيض والمستحاضة والنفساء.