قال محمّد بن إدريس مصنف هذا الكتاب رحمهالله : فإن قال قائل : وأيّ ضرورة هاهنا يربط أسنانه بفضة أو بنحاس ، أو بحديد ، وغير ذلك ، وكذلك يعمل أنفا من فضة. قلنا : جميع ذلك ينتن ، إلا الذهب فإنّه لا ينتن ، فلأجل ذلك قال إلا عند الضرورة.
باب الجزية وأحكامها
الجزية واجبة على أهل الكتاب ، ومن حكمه حكمهم ، ممّن أبى منهم الإسلام ، وأذعن بها. والتزم أحكامها ، فأهل الكتاب : اليهود والنصارى ، ومن حكمه حكمهم : المجوس.
وهي واجبة على جميع الأصناف المذكورة ، إذا كانوا بشرائط المكلّفين ، ويسقط عن الصبيان والمجانين ، والبله والنساء منهم ، فأمّا من عدا الأصناف المذكورة الثلاثة ، من جميع الكفار ، فليس يجوز أن يقبل منهم إلا الإسلام ، أو القتل.
ومن وجبت عليه الجزية ، وحل الوقت ، فأسلم قبل أن يعطيها ، سقطت عنه ، ولم يلزمه أداؤها ، على الصحيح من المذهب ، وقد ذهب بعض أصحابنا إلى أنّها لا تسقط ، والأول هو الأظهر ، والذي يعضده دليل الأصل.
وكل من وجبت عليه الجزية ، فالإمام مخير بين أن يضعها على رءوسهم ، أو على أرضيهم ، فإن وضعها على رءوسهم فليس له أن يأخذ من أرضيهم شيئا. وإن وضعها على أرضيهم ، فليس له أن يأخذ من رءوسهم شيئا.
وليس للجزية عند أهل البيت عليهمالسلام ، حدّ محدود ، ولا قدر موظف ، بل ذلك موكول إلى تدبير الإمام ورأيه ، فيأخذ منهم على قدر أحوالهم ، من الغني والفقير ، بقدر ما يكون به صاغرا.
والصغار اختلف المفسّرون فيه ، والأظهر أنّه التزام أحكامنا عليهم ،