كان محلا لم يكن به بأس.
وكل ما يجوز للمحل ذبحه أو نحره في الحرم ، كان أيضا ذلك للمحرم جائزا مثل الإبل ، والبقر ، والغنم ، والدجاج الحبشي.
وكل ما يدخله المحرم الحرم ، أسيرا من السباع ، أو اشتراه فيه ، فلا بأس بإخراجه ، مثل السباع ، والفهود ، وما أشبهها.
وإذا اضطر المحرم إلى أكل الميتة ، والصيد ، اختلف أصحابنا في ذلك ، واختلفت الأخبار أيضا ، فبعض قال : يأكل الميتة ، وبعض قال : يأكل الصيد ، ويفديه ، وكل منهما أطلق مقالته ، وبعض قال : لا يخلو الصيد ، إمّا أن يكون حيا ، أو لا ، فإن كان حيا ، فلا يجوز له ذبحه ، بل يأكل الميتة ، لأنّه إذا ذبحه ، صار ميتة بغير خلاف. فأمّا إن كان مذبوحا فلا يخلو ذابحه ، إمّا أن يكون محرما أو محلا ، فإن كان محرما ، فلا فرق بينه وبين الميتة. وإن كان ذابحه محلا ، فإن ذبحه في الحرم ، فهو ميتة أيضا ، وإن ذبحه في الحل ، فإن كان المحرم المضطر قادرا على الفداء ، أكل الصيد ، ولم يأكل الميتة ، وإن كان غير قادر على فدائه ، أكل الميتة ، وهذا الذي يقوى في نفسي ، لأنّ الأدلة تعضده ، وأصول المذهب تؤيده ، وهو الذي اختاره شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمهالله في استبصاره (١) وذكر في نهايته أنّه يأكل الصيد ، ويفديه ، ولا يأكل الميتة ، فإن لم يتمكن من الفداء ، جاز له أن يأكل الميتة (٢).
قال محمّد بن إدريس : والأقوى عندي ، أنّه يأكل الميتة على كل حال ، لأنّه مضطر إليها ، ولا عليه في أكلها كفارة ، ولحم الصيد ممنوع منه لأجل الإحرام على كل حال ، لأنّ الأصل براءة الذمة من الكفارة.
__________________
(١) الإستبصار : كتاب الحج ، باب من اضطر إلى أكل الميتة والصيد ، باب ١٣٥.
(٢) النهاية : كتاب الحج ، باب ما يجب على المحرم من الكفارة.