فاذن لا وجه لاستثنائه إذا كان المعتبر المني فحسب ، سواء كان من صحيح أو مريض ، معه دفق وشهوة ، أو لم يكونا مقارنين له ، والظاهر من كلامه في كتابه انّه زاد بما ذكره قسما ثالثا على المني والتقاء الختانين ، بدليل قوله عقيب ذلك ، ومتى حصل الإنسان جنبا بأحد هذه الأشياء فقد جمع وأقل الجمع ثلاثة عند المحقّقين ، ولو لم يرد ذلك ، لقال بأحد هذين الشيئين ، يعني المني والتقاء الختانين ، فليتأمل ذلك ويلحظ ، فإنّه واضح للمستبصر.
ومتى صار الإنسان جنبا بما قدّمناه من الحكمين فلا يدخل شيئا من المساجد إلا عابر سبيل إلا المسجد الحرام ، ومسجد الرّسول عليهالسلام ، فإنّه لا يدخلهما على حال فإن كان نائما في أحدهما واحتلم وأراد الخروج ، فإنّه يجب عليه أن يتيمم من موضعه ، ثمّ يخرج ، وليس عليه ذلك في غيرهما من المساجد.
وجملة الأمر وعقد الباب ، انّه يحرم عليه ستة أشياء ، قراءة العزائم من القرآن ، ومس كتابة القرآن ، ومسّ كتابة أسماء الله تعالى ، وأسماء أنبيائه ، وأئمته عليهمالسلام ، والجلوس في المساجد ووضع شيء فيها ، ولا بأس بأخذ ما يكون له فيها ، محلّل له ذلك ، جائز سائغ ، والجواز في مسجدين ، المسجد الحرام ، ومسجد النبي صلىاللهعليهوآله محرّم ، وله أن يقرأ جميع القرآن ، سوى ما استثناه من الأربع السور ، من غير استثناء لسواهن ، على الصحيح من المذهب والأقوال. وبعض أصحابنا لا يجوّز إلا ما بينه وبين سبع آيات ، أو سبعين آية ، والزائد على ذلك يحرّمه ، مثل الأربع السور ، والأظهر الأول ، لقوله تعالى : « فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ » (١) وحرّمنا ما حرّمناه بالإجماع ، وبقي الباقي داخلا تحت قوله تعالى : « فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ».
ويكره أن يأكل الجنب الطعام ، أو يشرب الشراب ، فإن أرادهما
__________________
(١) المزمل : ٢٠.