يبرد في ذلك ، أو ينام فيه الراكب ، والنوم يسمى بردا فسمى ما بين الموضعين بريدا ، وانّما الأصل الموضع الذي ينزل فيه الراكب ، ثم قيل للدابة بريد ، وانّما كانت البرد للملوك ثمّ قيل للسير بريد.
وقال مزرّد بن ضرار يمدح عرابة الأوسي.
فدتك عراب اليوم نفسي واسرتي |
|
وناقتي الناجي إليك بريدها |
فمن كان قصده إلى مسافة هذا قدرها ، وكان ممن يجب عليه التقصير ، لزمه ، وتحتم عليه القصر.
وإن كانت قدر المسافة أربعة فراسخ للمار إليها ونوى ، وأراد الرجوع من يومه ، عند الخروج من منزله ، لزمه أيضا التقصير ، فإن لم ينو الرجوع من يومه ، ولا أراده ، وجب عليه التمام ، ولا يجوز له التقصير.
وقال بعض أصحابنا : يكون مخيرا بين الإتمام والتقصير ، في الصوم والصلاة ، وهو مذهب شيخنا المفيد.
وقال بعض أصحابنا : يكون مخيّرا ، بين إتمام صلاته وتقصيرها ، ويجب عليه إتمام صيامه ، ولا يكون مخيّرا فيه ، وهذا مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي (١).
وقال بعض أصحابنا : لا يكون مخيرا في شيء من العبادتين ، بل يجب عليه تمامهما معا ، وهذا الذي اخترناه أولا ، وبه يقول السيّد المرتضى ، وهو الصحيح الذي تقتضيه أصول المذهب ، ويقويه النظر ، والأدلة ، والإجماع ، لأنّه لا خلاف عندهم في حدّ المسافة التي تجب ويتحتّم القصر ، على من قصدها ، ووجوب إتمام الصلاة على من لم يقصدها ، فقد أجمعوا على تقصير صلاة القاصد لها ، ولا إجماع منهم ، على تقصير صلاة من لم يقصدها.
وأيضا فالأصول تقتضي أنّ الإنسان لا يكون مخيرا في تمام صلاته ،
__________________
(١) في النهاية كما يأتي ص ٢٩٥.