دون الثاني ، وان أمكن لكنه يحتاج الى دليل ، ولا دليل في خصوص العين لا يجري في الدين سوى قصور دلالتها على ذهاب جميع الجهات المالية.
ودعوى ان الدليل في العين هو الإجماع في مثل المقام. كلام قشري لا يليق بمن عرف الإجماع الناشئ عن دليل تعبدي والناشئ عن مقتضى القواعد العامة مع قصور دلالة المخرج. فاذا ثبت أن الذاهب انما هو بعض الجهات المالية لا جميعها فالقدر المتيقن منه ما قلنا من المطالبة أو التعرض لحاله الباطني أيضا.
ويؤيده ما في خبر آخر من النهي عن الأخذ بعد اليمين (١) مكان ما اشتمل عليه غيره من الإذهاب والإبطال ، فإن المقام وان لم يكن من موارد التخصيص أو التقييد الا أن المظنون اتحاد مفاد الكل. وان أريد دلالتها على بقاء الدين على حكم مال المدعي مع عدم جواز تصرفه فيه بشيء من التصرفات ، فهذا في العين وان كان أمرا معقولا لكنه في الدين ليس بمعقول ، لأن مالية الدين ليس على حد مالية العين الراجعة الى صفة اضافية بينها وبين المالك ، بل هي عبارة عن صرف ترتيب أحكام المالية من التصرفات ، فبقاء المالية وعدم نفوذ شيء من التصرفات فيه كالتناقض.
فان قلت : أثر بقاء المالية ممحض فيما يتعلق بالأخرة من العقوبات والمؤاخذة ونحو هما مما يترتب على شغل الذمة بحق الناس ، وأما ما يتعلق بالدنيا فلا ضير في عدم ثبوت شيء منها.
قلت : ما يتعلق باشتغال الذمة في الآخرة ليس شيئا قابلا لإثبات صفة المالية للدين ، لأنك عرفت أن مالية الدين حقيقتها ترتيب أحكام المال وما يتعلق بالاشتغال في الآخرة ليس من الحكم الشرعي في شيء ، مع أن المؤاخذة والعقاب
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ ب ١٠ من أبواب كيفية الحكم ح ١ و٢.