فأمر الله تعالى باتخاذ مقام إبراهيم مصلّى إحياء لذكرى شيخ الأنبياء إبراهيم عليهالسلام ، أمّا السعي بين الصفا والمروة فهو تخليد لذكرى هاجر حينما عطشت هي وابنها إسماعيل ، فكانت تسعى بين الصفا والمروة ، وتصعد عليهما لتنظر ، هل ترى من أحد .
ورمي الجمار تخليد لذكرى إبراهيم عليهالسلام ، حينما ذهب به جبرائيل إلى جمرة العقبة ، فعرض له الشيطان ، فرماه بسبع أحجار فساخ .
وذبح الفداء ، إنّما هو تخليد لذكرى إبراهيم عليهالسلام أيضاً ، حينما أُمر بذبح ولده إسماعيل ، ففداه الله بذبح عظيم .
وفي بعض الأخبار : إنّ أفعال الحجّ إنّما هي احتفال بذكرى آدم ، حيث تاب الله عليه عصر التاسع من ذي الحجّة بعرفات ، فأفاض به جبرائيل حتّى وافى إلى المشعر الحرام فبات فيه ، فلمّا أصبح أفاض إلى منى ، فحلق رأسه إمارة على قبول توبته ، وعتقه من الذنوب ، فجعل الله ذلك اليوم عيداً لذرّيته .
فأفعال الحجّ كلّها تصير احتفالات ، وأعياداً بذكرى الأنبياء ، ومن ينتسب إليهم ، وهي باقية أبد الدهر .
وأخيراً : أكمل الأدلّة على جواز إقامة الاحتفال بمولد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، هو دليل الفطرة والدين والشرع منسجم تماماً مع مقتضيات الفطرة ومتطلّباتها ـ فقد اعتاد الناس انطلاقاً من احترامهم للمثل والقيم التي يؤمنون بها ، على احترام الأشخاص الذين بشرّوا بها ، وضحّوا في سبيلها ، وارتبطوا بهم عاطفيّاً وروحيّاً كذلك .
ورأوا : أنّ إحياء الذكرى لهؤلاء الأشخاص ، لم يكن من أجل ذواتهم كأشخاص ، وإنّما من أجل أنّهم بذلك يحيون تلك القيم والمثل في نفوسهم ، وتشدّ الذكرى من قوّة هذا الارتباط فيما بينهم وبينها ، وترسّخها في نفوسهم ، وتعيدهم إلى واقعهم .
وهكذا يقال بالنسبة للاحترام الذي يخصّون به بعض الأيّام ، أو بعض الأماكن ، وقديماً قيل :