الكرّ ، مع اشتمال الاولى على تحديده بستّمائة رطل ، والثانية على تحديده بألف ومائتي رطل.
وقد جمع العلماء بينهما بحمل الاولى على الأرطال المكّيّة والثانية على الأرطال العراقيّة ، فيتوافقان حينئذ بملاحظة كون الرطل المكّي ضعف الرطل العراقي ، فالستّمائة من الأرطال المكّيّة تساوي الألف والمائتين من الأرطال العراقيّة ، وأيّدوه بموافقة عرف المخاطب ، فإنّ الراوي ـ في الصحيحة ـ وهو محمّد بن مسلم على ما عن النقد عن رجال الشيخ من أهل الطائف وهو من توابع مكّة ، وابن [ أبي ] عمير أرسل الرواية عن بعض أصحابه ، وظاهره كونه من مشايخه وهو مع مشايخه كلّهم عراقيّون ، وهذا كلّه يقضي بكون المعتبر في مقام التعارض عرف المخاطب لا المتكلّم ، ولذا جرى الإمام عليهالسلام في كلّ من الروايتين على مصطلح مخاطبه ، كما هو قضيّة الجمع المذكور.
لأنّا ندفعه ، أوّلا : بأنّ مدرك القاعدة ـ حسبما بيّنّاه ـ هو الغلبة ، ولا خفاء أنّ الغالب لا ينافيه النادر ، ومن الجائز كون مورد الروايتين من النادر.
وثانيا : بمنع معرفة المخاطب في مورد الروايتين لمصطلح المتكلّم ، لجواز وقوع المخاطبة في أوّل ورود الروايين بالمدينة ، وعرف الإمام عليهالسلام من حالهما أنّهما لا يعرفان عرف المدينة فتكلّم بمقتضى عرفيهما ، وقد عرفت سابقا أنّ المعتبر في نحو هذه الصورة مراعاة عرف المخاطب لا غير.
وثالثا : بمنع التفات المخاطب فيهما حين المخاطبة إلى ما عرفه من عرف المتكلّم ، وعرف من حاله الإمام عليهالسلام عدم التفاته فجرى على حسب مصطلحه ، مراعاة لما هو الحاضر في ذهنه.
ورابعا : بجواز كونه عليهالسلام إنّما جرى بمصطلح المخاطب لينفعه بعد عوده إلى بلده في نقل الرواية إلى غيره ، بأن ينقلها بعين عبارة تحديد الإمام عليهالسلام ، ويحتمل ضعيفا كون النقل من كلّ من الراويين من باب النقل بالمعنى ، على معنى كون الإمام عليهالسلام إنّما حدّد له الكرّ بالأرطال المدنيّة ، وهو في مقام نقل الرواية للغير جرى على مصطلحه نقلا لها بالمعنى.