[٥٨] قوله : (إختلفوا في استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي كاختلافهم في استعمال المشترك في معانيه ... الخ)
أراد من التشبيه تشبيه معنى الاستعمال في المعنيين هنا به حسبما تقدّم في بحث المشترك ، لا تشبيه أصل الاختلاف وإن كانت العبارة ظاهرة فيه.
وحاصل المراد من التشبيه : إنّ المراد من استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي استعماله فيهما على البدل ، على معنى استقلال كلّ منهما في كونه مستعملا فيه مطلوبا إفادته من اللفظ ، وعلامته أن ينعقد به حكمان شرعيّان فيما كان المعنيان من قبيل الحكم كالوجوب والندب في صيغة الأمر على القول بكونها حقيقة في الأوّل مجازا في الثاني ، إذا وقع استعمالها فيهما معا ، أو ينعقد به موضوعان لحكم خبري أو إنشائي ، كقوله : « رأيت أسدا » أو « إئتني بأسد » مثلا مريدا به المفترس والرجل الشجاع.
وظاهر إطلاق المعنى المجازي في عناوين المسألة يقضي بأنّ المراد به أعمّ ممّا كان مجازا من هذا المعنى الحقيقي المراد معه من اللفظ كالمثال المذكور وغيره ، كما في لفظ يكون حقيقة في معنيين ومجازا في ثالث مناسب لأحدهما دون الآخر ، واريد منه ذلك المعنى المجازي مع ما لا يناسبه من المعنيين الحقيقيّين.
والمناقشة فيه : بأنّ ظاهر استدلال المانعين بأنّ المجاز ملزوم لقرينة معاندة للحقيقة يأبى ذلك ، بتقريب : إنّ المعاندة عبارة عن المعارضة ، وهي تتأتّى غالبا بين القرينة وظهور الحقيقة باعتبار فيما إذا كان المعنيان متناسبين.
يدفعها : وضوح كون المراد من القرينة المعاندة اللازمة للمجاز هي القرينة الصارفة للّفظ عن إرادة الحقيقة ، وهي كما تصرفه فيما إذا كانت الحقيقة متّحدة كذلك تصرفه فيما إذا كانت متعدّدة ، كالمشترك إذا قامت معه قرينة المجاز ، وظاهر أنّه لم يؤخذ في ذلك المجاز كونه مناسبا لجميع الحقائق ، وإذا اريد منه هذا المجاز مع بعض ما لا يناسبه من الحقائق كان من محلّ النزاع أخذا بظاهر إطلاق العنوان