لا محالة ، كان كلّ من ظهوري العامّ والمطلق وضعيّا يحصل من باب أصالة الحقيقة ، فسقط معه التمسّك في الترجيح بقاعدة الورود ، وتعيّن الاستناد إلى الوجهين الأوّلين.
ثمّ عموم العامّ المقابل للتخصيص فيما يحتمله قد يثبت بغير الوضع ، كالثابت بدليل الحكمة ، أو بقاعدة السريان في مثل ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ )(١) أو بقاعدة الامتنان ، أو بقاعدة ورود الخطاب مورد إعطاء ضابط كلّي ، وغير ذلك من القرائن الكلّية أو الجزئيّة المثبتة للعموم فيما ليس بعامّ وضعا ، والظاهر بملاحظة إطلاق الاصوليّين ترجيح التقييد على التخصيص عدم الفرق بين تعارض الإطلاق والعموم الوضعي وتعارضه والعموم الغير الوضعي ، وكأنّ مستنده الغلبة المحرزة لقاعدة الإلحاق.
كما أنّ قضيّة إطلاقهم أيضا في الترجيح بالنسبة إلى التقييد ، عدم الفرق فيه بين كون محلّ التقييد المحتمل هو المطلق ، بمعنى ما دلّ على الماهيّة من حيث هي ، وكونه المطلق بمعنى ما دلّ على الفرد المنتشر كالنكرة وما بمعناها.
وسادستها : تعارض التخصيص والإضمار ، كما في قوله عليهالسلام : « لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل » (٢) فإنّ صحّة انعقاد النفل بالنيّة المتأخّرة عن الليل إلى الزوال ـ بل ما بعده أيضا ـ يقضي بتخصيص العامّ بما عدا النفل ، أو إضمار ما يرجع إليه ممّا عدا الصحّة كالكمال والفضيلة ، وحيث ثبت رجحان التخصيص على المجاز لشيوعه وغلبة وقوعه ، قضى ذلك برجحانه على الإضمار المعادل له ، بعين ما ذكر مع أظهريّة الخطاب في عدم الإضمار بنفسه من العامّ في العموم ، كما هو واضح.
وسابعتها : تعارض التخصيص والنسخ ، وإنّما يتأتّى ذلك في العامّ والخاصّ المتنافيي الظاهر ، وتفصيل القول في أحكامهما موكول إلى محلّه ، إلاّ أنّ مجمل القول في هذا التعارض إنّه مفروض فيما إذا لم يكن هناك احتمال آخر غير
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.
(٢) سنن الدار قطني ٢ : ١٧١ / ١ وفيه : عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : لا صيام لمن يبيّت الصيام من الليل.