فساد فائدة من فوائد شيء ، فساد ذلك الشيء ، وإلاّ كان جميع أجزاء العالم من المآكل والمشارب والملابس والمساكن وغيرها محظورا.
والقول بأنّ الغرض من جمع اللغة ، كون كتبها مرجعا لمن بعدهم من العلماء ، ومنهلا لمن يأتي من الفضلاء في فهم الكتاب والسنّة ليأخذوا عنها ، ويصدروا عنها ، ولذا اقتصر كثير منهم كأبي عبد الله والمازني (١) وقطرب (٢) وأبي عبيدة (٣) وابن قتيبة (٤) والبستي (٥) والهروي (٦) وابن الأثير (٧) وغيرهم على إيراد غرائب القرآن والحديث ، أو غريب الحديث وحده ، ولم يتعرّضوا لما سوى ذلك ، لحصول الغرض الأصلي في اللغة بهذا المقدار ، وانتفاء الفائدة المهمّة في غيره ، ليس
__________________
(١) أبو الحسن النضر بن شميل التميمي المازني النحوي البصري ، كان عالما بفنون من العلم ، له كتاب اسمه « غريب الحديث » وغيره من التصانيف ، توفى في مسلخ ذي الحجّة سنة ( ٢٠٤ ه. ق ) [ وفيات الأعيان ٣٩٧ : ٥ ].
(٢) هو أبو علي محمّد بن المستنير بن أحمد النحوي اللغوي البصري ، مولى سالم بن زياد ، المعروف بقطرب ، كان من أئمّة عصره في الأدب وله من التصانيف « غريب الحديث » توفي سنة ( ٢٠٦ ه. ق ). [ وفيات الأعيان ٣١٢ : ٤ ].
(٣) أبو عبيد القاسم بن سلاّم ـ بتشديد اللام ـ كان أبوه عبدا روميّا لرجل من أهل هراة واشتغل أبو عبيد بالحديث والأدب والفقه وكان متفنّنا في أصناف العلوم من القراءات والفقه والعربية والأخبار ، ويقال إنّه أوّل من صنّف في غريب الحديث ، وله من التصانيف « الغريب المصنف » و « الأمثال » و « معاني الشعر » وغير ذلك. توفي في سنة ( ٢٢٢ أو ٢٢٣ ه ق ) وقال البخاري سنة ( ٢٢٤ ه ق ). [ وفيات الأعيان ٦٠ ـ ٦٢ : ٤ ].
(٤) ابن قتيبة : أبو محمّد عبد الله بن مسلم ، المتوفّى سنة ( ٢٧٦ ه ق ).
(٥) أبو سليمان الخطابي ، محمّد بن محمّد بن إبراهيم بن الخطاب البستي الشافعي المتوفّى سنة ( ٣٨٨ ه ق ).
(٦) أبو عبيد الهروي : أحمد بن محمّد المتوفّى ( سنة ٤٠١ ه ق ) وكتابه في غريبي القرآن والحديث أحد كتابين اعتمد عليهما ابن الأثير في تأليف كتابه.
(٧) ابن الأثير : مبارك بن محمّد بن محمّد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجرزي ثمّ الموصلي الشافعي ، المتوفّى ( سنة ٦٠٦ ه ق ) واسم كتابه « النهاية في غريب الحديث » راجع مقدّمة النهاية في غريب الحديث ٤ : ١.