مبنيّ على كون عنوان التجرّي موجبا لقبح الفعل المتجرّي به ، وهو خلاف التحقيق ، بل غايته إنّه يوجب قبحا في الفاعل ، لكشفه عن سوء سريرته وخبث باطنه ، وتحقّق الشرطين في محلّ الكلام محلّ منع.
أمّا في الأوّل : فلجواز كون تدوين الكتب ، إنّما حصل من أصحابها باعتقاد صحّة الغرض المطلوب منه.
وقضيّة ذلك عدم كونه محظورا عليهم ، لانتفاء صدق قضيّة المعاونة على الإثم عليه.
وأمّا في الثاني : فلجواز عدم ترتّب ما هو مقصودهم على فعلهم ، وإنّما ترتّب عليه ما يضادّه ، وهو العمل في موضع القطع ولو بمعونة الغير ، وقد علم به المعصوم عليهالسلام فلم يردع عنه.
وبالجملة ، لم يتحقّق منهم عنوان المعاونة على الإثم ، المحكوم عليه بالحرمة في النصّ والفتوى ، ليجب الردع عنه.
وأمّا رابعا : فلمنع تحقّق شروط التقرير ، الّتي منها أن لا يكون لعدم ردعهم عليهمالسلام بعد اطّلاعهم على التدوين بالأسباب العاديّة جهة إلاّ الرضاء ، بانتفاء الخوف والتقيّة ، ومن الجائز استناد عدم الردع إلى نحو من التقيّة ، خصوصا بعد ملاحظة كون أكثر المصنّفين لتلك الكتب من المخالفين.
وأمّا خامسا : فلمنع عدم الردع والعلم به ، ولا قاضي بنقله إلينا ، لجواز كونه من الأحكام الواقعيّة الصادرة عنهم عليهمالسلام المختفية علينا من جهة الحوادث.
وربّما يمنع الاستدلال بالتقرير أيضا ، بناء على العمومات الناهية عن العمل بما وراء العلم ، بتخيّل أنّهم عليهمالسلام إنّما لم يردعوا عن التدوين أو عن العمل بالمدوّن ، اكتفاء بورود تلك العمومات في الكتاب والسنّة ، فإنّها لمن يراجعها كافية في الارتداع.
ويزيّفه : أنّ هذه العمومات من باب أدلّة الواقع ، والاكتفاء بأدلّة الواقع في مظانّ التقرير إنّما يصحّ لو كان ما اخذ فيه من الردع واجبا عليهم من باب اللطف ،