فالمصادر أيضا موضوعة بوضع مبادئها الّتي تتساوى نسبتها إليها وإلى سائر المشتقّات ، فكلّ من الهيئة والمادّة في وضعها مشروطة بالاقتران المذكور لئلاّ يلزم جواز استعمال الهيئة في ضمن غير المادّة الموضوعة ، واستعمال المادّة في ضمن غير الهيئة الموضوعة.
غاية ما في الباب ، توجّه مناقشة إلى تسمية هذا الوضع بالقياس إلى المادّة شخصيّا ، من حيث إنّها إذا اخذت مع تجريد النظر عن خصوصيّات الهيئة كانت نوعا ، كما إنّ الهيئة نوع إذا اخذت مع تجريد النظر عن خصوصيّات المادّة ، لكن الخطب في نحوها سهل ، مع إمكان الذبّ عنها بابتناء التسمية على توهّم كون وضع الموادّ باعتبار وضع المصادر الّتي لا إشكال لأحد في كونه فيها على تقدير كونها مبادئ المشتقّات شخصيّا.
ومن الأفاضل من زعمه فيها واحدا بالنوع متعلّقا بالمجموع ، حيث قال : والظاهر عدم تعدّد الوضع المتعلّق بكلّ من الألفاظ ، فالهيئة والمادّة المعروضة لها موضوعة بوضع واحد نوعي ، ثمّ تكلّف بتأويل القضيّة المتقدّمة المشهورة المصرّحة بالوضع الشخصي الثابت فيها لموادّها ، فتارة : بأنّه إنّما يعنى به الأوضاع المتعلّقة بمصادرها لا الموادّ الحاصلة في ضمنها.
واخرى : بأنّه لمّا كان المنظور في الوضع المذكور هو دلالة المادّة على الحدث ودلالة الهيئة على اعتبار ذلك الحدث جاريا على الذات ، نزّل ذلك منزلة وضعين ، وكان وضعه بالنسبة إلى الأوّل شخصيّا ، وبالنسبة إلى الثاني نوعيّا كلّيا. انتهى (١).
ولا يخفى ما فيه من التكلّف ، مع ما في ثاني الوجهين من الالتزام بمقتضى القضيّة ، فإنّ قصد دلالة المادّة على الحدث إن اريد به الحدث الخاصّ لا يقصر عن وضع الشخص ، بل هو عينه.
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٢٨ ( الطبعة الحجرية ).