المضارع ، والثاني ممنوع كما يعلم وجهه في بحث مبدأ الاشتقاق ، والأوّل إنّما يتّبع حيث ساعد عليه دليل ، ولو سلّم فلا أقلّ من عدم مساعدة الدليل على خلافه ، لا مطلقا.
وأمّا النسبة الفاعليّة ، فالإنصاف إنّه كأخويه أيضا في عدم دلالته عليها بالوضع.
وبيانه : إنّ الطلب المأخوذ في وضع الهيئة من حيث إنّه معنى ذهني ووصف نفساني يتضمّن جهتين باعتبار حدوثه وتعلّقه ، ومحلّه من الجهة الاولى ذهن المتكلّم ، ومن الجهة الثانية الحدث المدلول عليه بالمادّة من حيث إنّه مطلوب مع ذمّة السامع من حيث إنّه مطلوب منه ، ولأجل هذا يستدعي نسبتين ، أحدهما : نسبة الحدث إلى المتكلّم من حيث إنّه مطلوب له ، والاخرى : نسبته إلى السامع من حيث إنّه مطلوب منه ، والدلالة على الاولى بحكم التبادر والوجدان الضروري مستندة إلى الفعل بنفس هيئته ، وعلى الثانية بحكمهما أيضا إلى الهيئة الكلاميّة الحاصلة بينه وبين الفاعل المنويّ فيه ، إمّا باعتبار الوضع والاستعمال معا ، أو باعتبار الاستعمال فقط ـ على القول بعدم الوضع في المركّبات ـ فكلّ من النسبتين نسبة طلبيّة ، غير أنّ أوليهما مدلول للمفرد بالوضع ، وثانيتهما مدلول للمركّب بالوضع أيضا ، أو بالاستعمال فقط ، فلا دلالة لشيء منهما بالوضع على النسبة الفاعليّة.
نعم النسبة الطلبيّة بالمعنى الثاني مستلزمة لفاعليّة السامع للحدث باللزوم العقلي التبعي ، الغير مقصود إفادته أصالة لا بالمفرد ولا بالمركّب ، وهذه هي النسبة الفاعليّة لكونها عبارة عن نسبته الحدث إلى السامع من حيث إنّه يقع منه.
فمن يتوهّم دخول النسبة الفاعليّة في وضع فعل الأمر ، إن أراد بها النسبة الطلبيّة الملزومة لها فهي مدلولة للهيئة الكلاميّة لا لفعل الأمر ، وإن أراد بها النسبة اللازمة لها فهي ليست من مدلول اللفظ أصالة ، سواء فرضناه الهيئة الفعليّة أو الهيئة الكلاميّة ، بل الدلالة عليها تحصل باللزوم العقلي بواسطة التركيب الكلامي.