من قال أنّه لم يتحقّق في السابقين شيء من تلك الأُمور ، فهذا ابن كثير نفسه يقول في تفسيره :
وقد روى ابن جرير ... عن يحيى بن سعيد قال : سمعت سعيد بن المسيّب يقول : ظهر بخت نصّر على الشام ، فخرّب بيت المقدس وقتلهم ، ثمّ أتى دمشق فوجد بها دماً يغلي على كبا ، فسأل ما هذا الدم؟
فقالوا : أدركنا آباءنا على هذا ، وكُلّما ظهر عليه الكبا ظهر ، قال : فقتل على ذلك الدم سبعين ألفاً من اليهود وغيرهم فسكن ، وهذا صحيح إلى سعيد بن المسيّب ، وهذا هو المشهور (١).
وقال في كتابه قصص الأنبياء : « وقال أبو عبيدة القاسم بن سلام ... عن سعيد بن المسيّب قال : قدم بخت نصّر دمشق ، فإذا هو بدم يحيى بن زكريا يغلي ، فسأل عنه فأخبروه ، فقتل على دمه سبعين ألفاً فسكن ، وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن المسيّب ، وهو يقتضي أنّه قتل بدمشق ، وأنّ قصّة بخت نصّر كانت بعد المسيح ، كما قاله عطاء والحسن البصري ، فالله أعلم » (٢).
ثمّ روى قصّة مقتل يحيى عن ابن عساكر ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن قاسم مولى معاوية ، ثمّ قال : قال سعيد بن عبد العزيز : وهي دم كُلّ نبي ، ولم يزل يفور حتّى وقف عنده أرميا عليهالسلام فقال : أيّها الدم أفنيت بني إسرائيل فاسكن بإذن الله ، فسكن ... (٣).
جريمة قتل الحسين عليهالسلام وجريمة قتل نبي الله يحيى عليهالسلام!
إنّ الروايات الصحيحة الواردة في مصادر السنّة تقارن بين جريمة قتل يحيى عليهالسلام وقتل الحسين عليهالسلام ، فقد روى الحاكم في مستدركه ، بستّة طرق عن أبي نعيم : ثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ،
__________________
١ ـ تفسير القرآن العظيم ٣ / ٢٨.
٢ ـ قصص الأنبياء ٢ / ٣٦٤.
٣ ـ المصدر السابق ٢ / ٣٦٦.