وقال سبحانه :
( وابتغ فيما آتاك الله الدار الاخرة ولاتنس نصيبك من الدنيا ) (١).
وروي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : « ليس منا من ترك اخرته لدنياه ولا من ترك دنياه لاخرته » كما روي عن الإمام الحسن عليهالسلام قوله : « اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لاخرتك كانك تموت غدا ».
واما ما روي عن الإمام علي عليهالسلام من تقشفه في طعامه ولباسه ومسكنه ونحو ذلك وروي عنه قوله : « ولقد رقعت مدرعتي حتى استحييت من راقعها » فليس ذلك لان الزهد بطبعه يقتضي هذا الوضع الخاص من التقشف ـ بل لحالة استثنائية طارئة اقتضت ان يبرز الإمام عليهالسلام بهذه الحالة وذلك لان الوضع الاقتصادي العام كان صعبا في عهده الامر الذي ادى الى انتشار ظاهرة التقشف في اوساط المجتمع بصورة غير اختيارية فإضطر الإمام عليهالسلام لان يبرز على الحالة السائدة يوم ذاك وبدرجة اصعب من الوضع العام ـ من اجل ان يساوي نفسه بالطبقة المحتاجة ليكون ذلك مخففا من الم التقشف عندما يرى اكثر الشعب امامهم مساويا لهم بل اصعب وضعا منهم.
وقد صرح الإمام عليهالسلام بذلك لبعض الاشخاص الذي التبس عليه الامر وتوهم ان الابتعاد عن الدنيا ومتعها يكون محبوبا لله ومقربا منه ـ ولو كانت من الحلال ـ فأدى ذلك لان يلبس الملابس المتواضعة جدا ويبتعد عن اهل بيته فأخبر اخوه الإمام بذلك فاستدعاه بواسطة اخيه هذا ونصحه بترك تلك الحالة من التقشف والعود الى وضعه الطبيعي من حيث التمتع بما احل الله سبحانه من المتع فقال للامام عليهالسلام ما مضونه : ها انت في خشونة ملابسك وجشوبة طعامك فأجابه الإمام عليهالسلام بأن هذا وضع مختص به بصفته القائد والإمام للمجتمع فيطلب منه ان يساوي الطبقة الفقيرة حتى تكون
__________________
(١) سورة القصص ، آية : ٧٧.