من النعيم الخالد والسعادة الدائمة مضافا الى ما يحصله في هذه الحياة من النعيم الروحي والمادي بما وفقه الله له أيضا من الثروة المادية وما توفق له من القيام بالواجب او المستحب الذي يبعث في قلبه السرور والابتهاج نتيجة شعوره واحساسه بتأدية ما طلبه منه مولاه الحقيقي وهو الله سبحانه من تأدية وظيفة العبودية التي تعود عليه بالخير والسعادة في الدنيا والآخرة.
وعلى ضوء ما ذكرناه من المعنى الواعي الموضوعي للزهد حسبما يفهم من كلام الإمام عليهالسلام ندرك ان تمتع الإنسان المؤمن بما احل الله له من المتع المادية والروحية ـ لا ينافي الزهد بل يكون كما ذكرنا عابدا ـ مضافا الى كونه زاهدا.
ويظهر ذلك جليا من الآيات المباركة والرويات المشهورة التي تحث على العمل لكلتا الدارين معا ـ الدنيا والاخرة ـ في اطار الشروط المذكورة للتصرفات المادية كسبا وصرفا وتصرفا ـ بمعنى ان يكون المصدر حلالا والمصرف حلالا ـ مع الالتزام بإخراج الحق الشرعي الواجب كما تقدم وذلك لان الإسلام دين الفطرة الذي جاء لينعشها وينطلق معها في سبيل تحقيق غاية الخلق والايجاد ولا يمنع الا من المحرمات فهي وحدها التي طلب من الملكف ان يزهد فيها ويتجنب ممارستها نظرا لما يترتب عليها من المفاسد المادية والمعنوية الفردية والاجتماعية واما غيرها من المتع المباحة فهو يرغبه فيها ويشجعه على التمتع بها ما دامت لا توجب ضررا للإنسان فردا ومجتمعا ـ كما هو واضح من طبيعة التشريع الإسلامي السمحاء.
قال سبحانه :
( قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ) (١).
__________________
(١) سورة الاعراف ، آية : ٣٢.