الجامحة واطماعهم الطامحة ان يتقيدوا بهذه القيود التي هي في واقعها تمثل حدود انسانيتهم وعنوان شرفهم وكرامتهم ولكنها مع ذلك تشكل صعوبة وتسبب حرمانا مما يرغبون فيه ويميلون اليه من ارتكاب المحرمات والتحلل من الفضائل والكمالات ـ لذلك يحرصون على تحطيمه وازالته من ساحة الوجود كما حصل من المشركين واهل الكتاب في بدء البعثه النبوية بالرسالة الإسلامية حيث اتفقوا على باطلهم وتعاونوا على الاثم والعدوان فيما بينهم لمنع الدين الجديد من الانتصار ورسالته من الانتشار حتى كان الفتح المبين والنصر العظيم الذي حصل للدين وانصاره ـ يوم فتح مكة المكرمة بالاسلوب السلمي الهاديء الذي تمثل بذلك الشعار الإنسان ي النبيل الذي رفعه الإمام علي عليهالسلام بأمر من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو قوله :
« اليوم يوم المرحمة اليوم تحمى الحرمة ـ مع قوله الاخر الذي اكد به الاول وهو قوله عليهالسلام من القى سلاحه فهو آمن ومن دخل بيته فهو آمن ومن دخل بيت ابي سفيان فهو آمن ».
وبهذا الشعار المقدس الذي يترجم حقيقة الإسلام بما يحمله في طيه من قيم الرحمة والسماح واليسر والانفتاح ـ كان الفتح الحقيقي والانتصار الواقعي الذي يسعى اليه الإسلام في كل مواقفه ومعاركه الفكرية والعسكرية ـ وهو فتح القلوب والبصائر على نور الحق والهدى وانتصار الخير على الشر والفضيلة على ضدها.
وقد تحقق الهدف المقصود من وراء ذلك الفتح السلمي الإنسان ي الذي حصل بعون الله وتأييده بدون ان تسفك قطرة دم واحدة ـ وهو ـ اي الهدف المقصود ـ دخول الناس بعد ذلك في دين الله افواجا ـ بعد ان عرفوا حقيقته وادركوا غايته وهي الرحمة الشاملة والاخلاق السامية والمكارم العالية كما ورد التصريح بذلك في قوله تعالى :