ومن المعلوم ان مجرد الرجوع الى الله سبحانه والاستعانة به لنيل مراده ـ لا يكفي غالبا في حصول المراد ما لم يوجد الشخص المقدمات الطبيعية العادية وبعد ذلك يلجأ الى الله بالتضرع والدعاء لنجاح سعيه وادراك مطلوبه.
وهذا يفهم بوضوح من قول الإمام علي عليهالسلام لمن طلب منه ان يدعو لجمله بالشفاء من داء الجرب : لا بأس ان تجعل مقدارا من القطران مع الدعاء.
واذا نظرنا بعين البصيرة الى مجموع الادعية المتعلقة بشهر رمضان المبارك ـ نرى لكل دعاء خصوصيته الايجابية المساهمة في بناء الشخصية الرسالية وذلك بالتركيز على نقطة خاصة مستهدفة به وراء الهدف العام التربوي المقصود من كل واحد منها فدعاء الاستقبال يلحظ فيه انه جاء ليرسم للصائم برنامج عمل يجعله على بصيرة من أمره وان الصوم الذي فرض عليه في شهر رمضان المبارك وطلب منه الامساك فيه عن مفطرات معدودة ضمن مدة محدودة ـ لا يراد منه الاقتصار على ترك تلك المفطرات واكثرها مباحات بل المقصود الاساسي منه التوصل بهذا الصوم الخاص الى الصوم العام المتمثل بالامساك التام عن كل حرام في جميع الشهور والايام وهو المعبر عنه بالتقوى في قوله تعالى :
( يآيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (١٨٣) ) (١).
وقد اشار الإمام زين العابدين عليهالسلام بما طلبه في دعائه الذي استقبل به الشهر المبارك ـ من ان يوفقه الله لان يمسك كل عضو من اعضائه عن المحرم الذي يتوقع صدوره منه بواسطته كما يفهم من صريح قوله عليهالسلام.
« اللهم صل على محمد وآل محمد والهمنا معرفة فضله واجلال حرمته
__________________
(١) سورة البقرة ، آية : ١٨٣.