بيان المراد من العبادة بمعناه العام
المراد من العبادة موضوع الحديث ـ الانقياد الكلي والخضوع المطلق لارادة الله سبحانه في كل عمل ارادي وموقف اختياري يصدر من المكلف باردته واختياره سواء كان هذا العمل باطنيا ام ظاهريا ـ ومن ابرز مصاديق القسم الاول وهو العبادة الباطنية ـ هو التفكر في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار وفي الافاق والانفس كما اراد الله سبحانه من اجل تحصيل العقيدة الصحيحة الراسخة والايمان الصادق الجازم بوجود الخالق العظيم لهذا الكون العظيم وبوحدانيته وعدله وضرورة ارساله الانبياء لبيان الغاية من الخلق واتمام الحجة على المخلوق المكلف بتحقيقها على الوجه المطلوب ،
وبذلك ندرك ضرورة تعيينه سبحانه للاوصياء الذين ينوبون عن الانبياء ويمثلون دورهم الرسالي بعد انتقالهم الى جوار الرفيق الاعلى لانه سبحانه اعلم حيث يجعل رسالته كما ندرك ضرورة اعادة الناس الى الحياة من جديد وبعثهم بعد الموت يوم القيامة من اجل ان يحكم بينهم بالعدل ويجازي كل مكلف بما يستحق من النعيم اذا قام بدور العبودية الخالصة ـ او العذاب الاليم اذا انحرف عن خطها القويم ـ عقيدة او سلوكا ـ وقد وعد الله بالثواب واوعد بالعقاب بصريح قوله تعالى :
( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يرهُ (٧) ومن يعمل مثقال ذرة شراً يرهُ (٨) ) (١).
فالتدبر في ايات الكتاب التكويني وهو هذا الكون الفسيح من اجل استلهام العقائد الحقة المذكورة يعتبر عبادة داخلية يمارسها المكلف في مسجد العقل ومحراب النفس انقياداً لارادة الله ذلك كما ان التدبر في ايات الكتاب التشريعي امتثالا لقوله تعالى :
__________________
(١) سورة الزلزلة ، آية : ٧ و ٨.