يترك الا ما يريد الله منه تركه وبهذا الانضباط والارتباط الكلي بالمبدأ الاعلى سبحانه تتحقق الغاية الاساسية المقصودة من تكليف الإنسان بالعبادة بمعناها العام وهي كماله وسعادته في دنياه واخرته باعتبار ان الله سبحانه وهو الحكيم الرحيم لا يأمر المكلف بفعل ايجابا او استحبابا الا اذا كان مشتملا على مصلحة ومنفعة روحية او مادية كما انه لا ينهى عن فعل الاّ إذا كان مؤديا لوقوعه في مفسدة ومضرة معنوية ومادية ـ والمكلف الذي يلتزم بفعل ما ينفع وترك ما يضر ـ يظفر بهدف السعادة والكمال في مختلف المجالات لان هذا الالتزام هو المعبر عنه بالتقوى التي تثمر لصحابها كل خير وفضيلة وتنأى به عن كل شر ورذيلة ومن المعلوم الواضح ان الشخص الذي يتوفق للاستقامة على خط التقوى بالمعنى المذكور ـ يدخل جنة الدنيا ومنها ينطلق الى جنة الآخرة :
( يوم لا ينفع مال ولا بنون (٨٨) الاّ من اتى الله بقلب سليم (٨٩) ) (١).
وقد بين الله سبحانه النتيجة الايجابية المباركة المترتبة على عبادته تعالى وتقواه بصريح قوله :
( ولو ان اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون (٩٦) ) (٢).
وقوله تعالى :
( ومن يتق الله يجعل له مخرجا (٢) ويرزقه من حيث لايحتسب ) (٣).
وتتجلي هذه الحقيقة بوضوح من خلال المقارنة بين وضع الامة قبل بزوغ فجر الرسالة المحمدية حيث كانت تتخبط في دياجير الجهالة وظلمات الضلالة وتعاني بسبب ذلك من كل انواع البؤس والشقاء والتعب والعناء.
__________________
(١) سورة الشعراء ، آية ٨٨ و ٨٩.
(٢) سورة الاعراف ، آية : ٩٦.
(٣) سورة الطلاق ، آية : ٢ و ٣.