وكذلك حلم الإمام الحسن وعفوه عن ذلك الرجل الشامي الذي قابل الإمام عليهالسلام بالشتم والسب ـ ومقابلته إساءته بالاحسان اليه والانفتاح عليه الذي تمثل بدعوته الى ضيافته ومعاملته بكل لطف ونبل الامر الذي هز كيانه وبدله من اموي معادي الى علوي موالي نتيجة تأثره الايجابي بتلك الاخلاق السامية وقد ترجم اعجابه بها واعترافه بالولاية للإمام عليهالسلام بتلاوة قوله تعالى :
( اللهُ أعلم حيثُ يجعل رسالتهُ ) (١).
ونظيره انفتاح الحسين عليهالسلام على الحر وجيشه الذي زحف اليه ليجعجع به في الطريق ويمنعه من الرجوع الى حيث يريد وذلك بسقيهم الماء وانقاذهم من خطر العطش الشديد الذي اصابهم بسبب شدة الحر والإمام عليهالسلام يعلم انه سوف يستشهد ظمأن على يد افراد هذا الجيش وكذلك اصحابه واطفاله وسائر من استشهد معه.
ويعطف على هذا الموقف النبيل بكاؤه تأسفا وحزنا يوم عاشوراء لان ذلك الجيش الضال سيدخل النار بسببه ونجله الإمام زين العابدين عليهالسلام انطلق على نفس هذا النهج الإنسان ي القويم حيث كان يقتصر في مقام الرد على من شتمه بقوله عليهالسلام :
« يا هذا ان كان ما وصفتني به حقا غفر الله لي وان لم يكن حقا غفر الله لك » ولم يقتصر على ذلك مع بعض المسيئين اليه بل ضم اليه تقديمه ثوبه هدية له مع مقدار كثير من المال ليكون مصيره نفس مصير الشامي بالتحول من خط الانحراف والعداء الى خط الاستقامة والولاء مردداً نفس الآية السابقة وهي قوله تعالى :
__________________
(١) سورة الانعام ، آية : ١٢٤.