حتى مضى من الليل اكثره فأذن له فمضى فقال عليهالسلام : يا مرازم هذا خير ام ما قلتماه؟. قلت هذا جعلت فداك فقال عليهالسلام : يا مرازم ان الرجل يخرج من الذل الصغير فيدخله ذلك في الذل الكبير.
أجل : إن هذه القصة تأتي شاهدا صادقا على واقعية ما ذكرته من رجحان اسلوب اللين والحكمة في مقام معالجة أية مشكلة لان العنف يعقدها او يزيدها تعقيدا ويؤدي ذلك الى المزيد من المضاعفات السلبية ولذلك نرى ان الإسلام يرجح اسلوب اللين والحكمة والموعظة الحسنة في اكثر المجالات ولا يلجأ الى العنف الا اذا دعت الضرورة الى ذلك من باب ( آخر الدواء الكي ) كما ورد في المثل.
وقد اشرت الى هذه القصة مع قصص اخرى تضمنت بيان حلم الإمام الصادق عليهالسلام وكرمه وزهده في حديث يوم الجمعة بمناسبة شهادته وقد نشر مع مجموعة كثيرة من خطب هذا اليوم في الجزء الاول من كتابنا ـ من وحي الإسلام الذي نشرته دار الزهراء فمن اراد الاطلاع عليها والاستفادة من الدروس التربوية التي استوحيتها من حياة هذا الإمام العظيم عليهالسلام وحياة مجموعة اخرى من أئمة أهل البيت عليهمالسلام فليطلع على هذا الكتاب المشتمل على ٢٥ خطبة من وحي المناسبات الدينية والموضوعات الإسلامية وكلها تدور في فلك الهدف التربوي الذي يشد الجيل الى رسالته الكاملة الشاملة ويسير به على نهجها القويم وصراطها المستقيم نحو غاية الكمال والسعادة في الدنيا والاخرة.
ومن الوسائل العلاجية التي اعتمد عليها الإسلام لعلاج مرض العداوة وحل مشكلتها السعي في سبيل اصلاح ذات البين وقد ورد الامر به والحث عليه في العديد من الآيات الكريمة والروايات المعتبرة قال سبحانه :
( وأصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين (٧٤) ) (١).
__________________
(١) سورة الانفال ، آية : ١.