قبل أن يواجره ممن هو أجره ، والوالي لا يملك من امور الناس شيئا إلا بعد ما يلي امورهم ويملك توليتهم ، وكل من آجر نفسه أو ما يملك نفسه أو يلي أمره من كافر أو مؤمن أو ملك أو سوقه على ما فسرنا مما يجوز الاجارة فيه فحلال محلل فعله وكسبه.
(وأما تفسير الصناعات) فكل ما يتعلم العباد أو يتعلمون غيرهم من صنوف الصناعات مثل الكتابة والحساب والتجارة والصباغة والسراجة والبناء والحياكة والقصارة والخياطة وصنعة صنوف التصاوير ما لم يكن مثل الروحاني وأنواع صنوف الالات التي يحتاج إليه العباد التي منها منافعهم وبها قوامهم وفيها بلغة جميع حوائجهم ، فحلال فعله وتعليمه والعمل به وفيه لنفسه أو لغيره ، وإن كانت تلك الصناعة وتلك الالة قد يستعان بها على وجوه الفساد ووجوه المعاصي ، ويكون معونة على الحق والباطل فلا بأس بصناعته وتعليمه نظير الكتابة التي هي على وجه من وجوه الفساد من تقوية معونة ولاية ولاة الجور.
وكذلك السكين والسيف والرمح والقوس وغير ذلك من وجوه الالة التي قد تصرف إلى جهات الصلاح وجهات الفساد ، وتكون آلة ومعونة عليها فلا بأس بتعليمه وتعلمه وأخذ الاجر عليه وفيه ، والعمل به فيه لمن كان له فيه جهات الصلاح من جميع الخلائق ، ومحرم عليهم فيه تصريفه إلى جهات الفساد والمضار فليس على العالم والمتعلم إثم ولا وزر لما فيه من الجحان في منافع جهات صلاحهم وقوامهم وبقائهم ، وإنما الاثم ولا وزر على المتصرف بها في وجوه الفساد والحرام.
وذلك إنما حرم الله الصناعة التي حرام
كلها التي يجئ منها الفساد محضا نظير البرابط والمزامير والشطرنج وكل ملهوبه والصلبان والاصنام وما أشبه ذلك من صناعات الاشربة الحرام ، وما يكون منه وفيه الفساد محضا ولا يكون فيه ولا منه شئ من وجوه الصلاح فحرام تعليمه
وتعلمه والعمل به وأخذ الاجر عليه وجميع التقلب فيه من جميع وجوه الحركات كلها ، إلا أن يكون صناعة